شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٨٠
من الأشياء إلى ما يترتب عليها وتنتهي إليه، وفي بعض النسخ وقع لفظ «الصبر» بدل العبرة وتوجيهه ظاهر لأن الصبر على المكاره والامور الشاقة على النفس سبب عظيم ومعين تام لبقاء الرفق وثباته ولولا الصبر لزال الرفق بورود أدنى المكاره والشدائد.
* الأصل:
4 - علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، ما العلم؟ قال: «الانصات»، قال: ثم مه؟ قال: «الاستماع»، قال: ثم مه؟ قال: «الحفظ»، قال: ثم مه؟ قال:
«العمل به»، قال: ثم مه يا رسول الله؟ قال: «نشره».
* الشرح:
(علي بن محمد، عن سهل بن زياد، عن جعفر بن محمد الأشعري، عن عبد الله بن ميمون القداح، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليهم السلام) قال: جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: يا رسول الله، ما العلم؟) «ما» الاستفهامية كثيرا ما تكون سؤالا عن التعريف الحقيقي، وقد تكون سؤالا عن التعريف الرسمي، وهذا هو المراد هاهنا، فلذلك اجيب بذكر سبب حصول العلم وسبب بقائه وفائدته وغايته المطلوبة منه.
ويؤيده أيضا وقوع السؤال بها مكررا; إذ للشيء الواحد ليست إلا حقيقة واحدة، ولو كان المراد هو المعنى الأول كان الجواب من باب تلقي السائل بغير ما يتوقع تنبيها على أن ذلك الغير هو الأولى والأهم به بالسؤال عنه.
(قال: الانصات) في الصحاح والقاموس: الانصات السكوت والاستماع للحديث، تقول:
أنصتوه وأنصتوا له. وفي نهاية ابن الأثير: أنصت ينصت إذا سكت سكوت مستمع، وهو لازم ومتعد. وفي المغرب: أنصت سكت للاستماع، ولعل الإنصات هنا بمعنى السكوت فقط بقرينة ذكر الاستماع بعد.
(قال: ثم مه؟) أصل مه «ما» حذفت الألف وزيدت الهاء للوقف.
(قال: الاستماع) للعلم وإلقاء السمع إلى المعلم طلبا لسماع الحديث وفهمه، وفيهما إشارة إلى سبب من أسباب حصول العلم، فإن المتعلم لا بد أن يسكت عند تلقين المعلم ويستمع لحديثه حتى تنتقش الصور العلمية في ذهنه.
(قال: ثم مه؟ قال: الحفظ) أي حفظ العلم وضبطه، وفيه إشارة إلى سبب بقائه ولا بد منه إذ لا ينفع الانصات والاستماع بدونه.
(١٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 ... » »»
الفهرست