شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٥٧
باب المستأكل بعلمه والمباهي به في الصحاح يقال: فلان ذو أكل إذا كان ذا خطر من الدنيا ورزق واسع والمأكل الكسب، وفلان يستأكل الضعفاء أي يأخذ أموالهم، والمراد من يجعل العلم آلة لأكله أموال الناس ويتخذه رأس مال يأكل منه ويتوسع به في معاشه (1).
* الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى وعلي بن إبراهيم، عن أبيه جميعا، عن حماد بن عيسى، عن عمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس قال: سمعت أمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «منهومان لا يشبعان: طالب دنيا وطالب علم، فمن اقتصر من الدنيا على ما أحل الله له سلم، ومن تناولها من غير حلها هلك، إلا أن يتوب أو يراجع، ومن أخذ العلم من أهله وعمل بعلمه نجا، ومن أراد به الدنيا فهي حظه».

١ - فإن قيل: وضع كثير من العلوم وتدوينها لحوائج الدنيا ولا يتعلمها أحد إلا للتوسع في المعاش كالطب والحساب والأدب والرياضيات وإن كان قد يستفاد منها في العلوم الدينية فهل يحرم تعلمها بقصد الدنيا؟
قلنا: العلم المبحوث عنه في الحديث والذي يتبادر الذهن إليه من الروايات هو علم الدين وهو الذي يحرم التوسل به إلى الدنيا، لا الذي وضع للدنيا، وعلم الدنيا أيضا يجب أن لا يكون مقرونا بالحرص والنهمة وعدم التميز بين الحلال والحرام.
وبالجملة العلوم المتعلقة بالدنيا ليست محرمة ولا مرغوبا عنها ولا يحرم طلب الدنيا والمعاش بها باعتدال، ولكن ليست مما بعث لترويجها الأنبياء.
فإن قيل: روي في الحديث النبوي، كما مر، أن علم ما سوى الكتاب والسنة فضل؟
قلنا: لا يدل الفضل على الحرمة، بل المراد أن الفرض الواجب على كل أحد هو علم الدين; إذ يحتاج إليه القروي والبدوي والمتوحش والمتمدن والطبيب والمهندس، وكل ذي صنعة في صنعته، بمنزلة الستة الضرورية كالهواء والماء لحياة الحيوان، وأما سائر العلوم فنفل وزيادة ليس احتياج الإنسان إليه إلا كاحتياجه إلى التجملات وما يفيده في وقت دون وقت، وبعضهم دون بعض، وبذلك يندفع اعتراض الملاحدة على دين الإسلام بأن نبيهم حصر العلم في القرآن والحديث ومنع من هذه العلوم التي اخترعها البشر وقال: إنها فضل فإنه (صلى الله عليه وآله) لم يمنع منها بل جعل المهم علم الدين وجعلها بعده مرتبة ولو كان علم الدنيا أهم لبعث بها الأنبياء. (ش)
(١٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 ... » »»
الفهرست