وتصحيحها وتقويمها وإرجاعها إلى الصحة من معالجات طبية واستعمال أغذية وأدوية مناسبة كذلك النفس طرأ عليها في السير إلى الله والوصول إلى حضرته والفوز بكرامته والبلوغ إلى الغاية المذكورة كلال وملال وأمراض مانعة لها عن تحصيل هذه المطالب بعضها ينشأ من استشعارها ألم الجهل وبعضها من استشعارها ألم الخوف.
أما الأول فلأن الجهل البسيط لازم لها غير منفك عنها، كما يريد إليه قوله تعالى: (فوق كل ذي علم عليم)، فهي وإن كانت صحيحة من وجه عليلة كليلة من وجه آخر.
وأما الثاني فلأنها وإن بالغت في بذل الجهد في لزوم أوامر الله ونواهيه والتصفية عن الأدناس وإلقاء حجب الغفلة وأستار الهيئة البدنية لكنها ما دامت في هذه الأبدان فهي في أغطية من هيئاتها وحجب من أستارها وإن رقت تلك الحجب وضعفت تلك الأغطية وإنما تتخلص من شوائب تلك الحجب والأغطية وظلماتها بالخلاص عن هذه الأبدان; إذ حينئذ (تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) فتكون مشاهدة بعين اليقين ما أد لها من خير وشر بحسب استعدادها بما كسبت من قبل، فأما قبل المفارقة فإن حجاب البدن مانع لها عن مشاهدة تلك الامور كما هي، وإن حصلت على اعتقاد جازم برهاني أو نوع من المكاشفة الممكنة كما في حق أولياء الله إلا أن ذلك الوقوف كالمشاهدة لا أنها مشاهدة حقيقية خالصة; إذ لا تنفك عن شائبة الوهم والخيال إذا كانت حالها قبل المفارقة هكذا فهي دائما كليلة عليلة من مرض الهم والخوف من سقوطها عن مدارج الحق ومن تحملها ما لا يحتاج إليه من الأعمال والعقائد أو ما يليق به تعالى ومن انتكاسها وانعكاسها بسبب غلبة العدو وقطاع الطريق ومن الرجوع إلى شهوات الدنيا بسبب تدليسات القوى الداعية إليها ومن انقطاع زادها الروحاني ومن عمي بصيرتها عن مشاهدة اللطف الرباني ومن موتها بسبب استيلاء مرض الجهل فهي دائما في كلال فلا بد من إمدادها وترويحها وتصحيحها بمعالجات حكمية واستعمال أغذية وأدوية روحانية بأن يطلب لها من طرائف الحكمة وحديثها ما يعجبها، ومن لطائف العلوم وجديدها ما ينشطها ومن شرائف المعارف وسديدها ما يحركها ويشفيها من هذه الأمراض والآلام، ومن طرائف الحكمة ما في هذا الكتاب من المواعظ والنصائح (1)، فطوبى لمن جعلها مفتاح قلبه ومصباح لبه وويل لمن اتخذها