عبد الله (عليه السلام) قال: «إذا رأيتم العالم محبا لدنياه فاتهموه على دينكم، فإن كل محب لشيء يحوط ما أحب». وقال (صلى الله عليه وآله): «أوحى الله إلى داود (عليه السلام): لا تجعل بيني وبينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدك عن طريق محبتي، فإن اولئك قطاع طريق عبادي المريدين، إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي عن قلوبهم».
* الشرح:
(علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن القاسم، عن المنقري، عن حفص بن غياث، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا رأيتم العالم محبا لدنياه) يعرف محبته لها بميله إليها ووثوقه بها واعتماده عليها بحيث لو فاتته تألم وجزع ولو أتته نشط وفرح، ولا يبالي من أين تأتيه.
(فاتهموه على دينكم) أي اجعلوه متهما على الدين ضعيفا في اليقين بعيدا عن معرفة حقيقته (1) والأخذ بطريقته، واعتقدوا أن كل فعله مطابق لقوله، وكل قوله ناظر إلى امور الدنيا وفوائدها مائل عن الآخرة ومنافعها، فلا تتبعوه في أقواله وأعماله ولا تجالسوه ولا تسألوه فإنكم إن جالستموه يردكم إلى الدنيا فتكونوا مثله من الخاسرين وإن سألتموه يصدكم عن الحق فتكونوا مثله من الهالكين.
(فإن كل محب لشيء يحوط ما أحب) أي يحفظ ويرعى ما أحبه، يقال: حاطه يحوطه حوطا، أي كلاه ورعاه.
والحاصل: أن هذا العالم يحرس الدنيا ويحفظها، وكل من هو كذلك فهو متهم في الدين في كل ما يقول ويعمل; لأن حب الدنيا وحراستها لا يجامع حب الدين وحراسته في قلب واحد; إذ ميله إلى أحد المتقابلين يوجب إعراضه عن الآخر، كما يرشد إليه قول أمير المؤمنين (عليه السلام): «فمن أحب الدنيا وتولاها أبغض الآخرة وعادها» (2)، فهذا العالم أيضا متهم في الدين فصح التعليل.