شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٢ - الصفحة ١٦٦
ذنوبا كثيرة من الجاهل.
* الأصل:
2 - وبهذا الإسناد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) قال عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه السلام:
«ويل لعلماء السوء كيف تلظى عليهم النار!».
* الشرح:
(وبهذا الإسناد قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام) قال عيسى بن مريم على نبينا وآله وعليه السلام: ويل لعلماء السوء) الويل: كلمة عذاب، تقول: ويل لزيد وويلا لزيد بالرفع والنصب، فالرفع على الابتداء والنصب على إضمار الفعل، هذا إذا لم تضفه، فإذا أضفته مثل ويله وويلك فليس إلا النصب; لأنك لو رفعته فليس له خبر. وقيل: الويل واد في جهنم لو ارسلت فيه الجبال لماعت من حره. والسوء بالفتح مصدر يقال: ساءه يسوؤه سوءا نقيض سره وبالضم الاسم تقول: هذا رجل سوء بالإضافة، ثم تدخل عليه الألف واللام وتقول: هذا رجل السوء.
وقال الأخفش: ولا يقال: الرجل السوء، ويقال: الحق اليقين وحق اليقين; لأن السوء بالرجل واليقين هو الحق، وقال أيضا: لا يقال: هذا رجل السوء بالضم، فعلى هذا ينبغي أن يقرأ لعلماء السوء بالإضافة والفتح وما وجد في بعض النسخ: للعلماء السوء على التعريف والوصف فكأنه سهو من الناسخ، وقد يوجه بأن التركيب ليس من باب التوصيف، بل من باب إضافة العامل إلى المعمول مثل الضارب الرجل باعتبار تعلق علم العالم بالسوء كتعلق ضرب الضارب بالرجل.
وفيه: أن المقصود ذم العلماء باعتبار اتصافهم بالسوء لا باعتبار علمهم به، والقول بأن التركيب وإن كان من باب الإضافة لكنه هنا في معنى التوصيف، أي المضاف موصوف بالمضاف إليه لا يخلو عن شيء; لأن التركيب الإضافي من حيث الإضافة وملاحظتها لا يدل على اتصاف المضاف بالمضاف إليه وإرادة الاتصاف بدون دلالة التركيب لا يجدي نفعا، فليتأمل.
(كيف تلظى عليهم النار؟) أي كيف تضطرم وتلتهب عليهم النار؟ وتلظى أصله تتلظى حذفت إحدى التاءين للتخفيف من لظى، وهو اسم النار، واسم من أسماء جهنم أيضا، لا ينصرف للعلمية والتأنيث، و «كيف» ليس للاستعلام عن حالهم، بل للإعلام بشناعتها وفظاعتها وشدائدها، بحيث لا يمكن تصورها.
ثم الظاهر أن المراد بالنار معناها الحقيقي، ويمكن أن يراد بها نار ألم الفراق بعد المفارقة عن الدنيا وانكشاف قبح السوء وآثاره على سبيل الاستعارة التحقيقية والترشيح; لأن الألم من باب الإدراك، وكلما كان الإدراك أقوى وأشد كان الألم كذلك، ولا ريب في أن إدراك العالم لشدائد
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»
الفهرست