وإن الفضل اختاره يحيى بن خالد البرمكي لخدمة المأمون فضمه إليه فتغلب عليه فاستبد بالامر دونه فإنما لقب بذو الرياستين فإنه تقلد الوزارة ورياسة الجند فقال الفضل حين استخلف المأمون يوما لبعض من كان يعاشره: أين يقع فعلي فيما آتيته من فعال أبي مسلم فيما أتاه؟ فقال: إن أبا مسلم حولها من قبيلة إلى قبيلة وأنت حولتها من أخ إلى أخ وبين الحالتين ما تعلمه فقال الفضل بن سهل: فانى أحولها من قبيلة إلى قبيلة: ثم أشار إلى المأمون بان يجعل علي بن موسى الرضا عليه السلام ولي عهده فبايعه وأسقط بيعة المؤتمن أخيه وكان علي بن موسى الرضا عليه السلام ورد على المأمون وهو بخراسان سنة مأتين على طريق البصرة وفارس مع رجاء بن أبي الضحاك وكان الرضا عليه السلام متزوجا بابنة المأمون، فلما بلغ خبره العباسيين ببغداد ساءهم ذلك فاخرجوا إبراهيم بن المهدي وبايعوه بالخلافة ففيه يقول دعبل بن علي الخزاعي يا معشر الأجناد لا تقنطوا * خذوا عطاياكم ولا تسخطوا فسوف يعطيكم حنينية * يلذها الأمرد والأشمط والمعيديات (1) لقوادكم * لا تدخل الكيس ولا تربط وهكذا يرزق أصحابه * خليقة ضجفه البربط وذلك ابن إبراهيم بن المهدي كان مؤلفا بضرب العود منهمكا في الشرب فلما بلغ المأمون خبر إبراهيم علم أن الفضل بن سهل أخطأ عليه وأشار بغير الصواب فخرج من مرو منصرفا إلى العراق وأحتال الفضل بن سهل حتى قتله غالب خال المأمون في حمام بسرخس مغافصة (2) في شعبان سنة ثلاث ومأتين، وأحتال المأمون على علي بن موسى الرضا عليه السلام حتى سم في علة كانت أصابته فمات وأمر بدفنه بسناباذ من طوس بجنب قبر هارون الرشيد وذلك صفر سنة ثلاث ومأتين وكان ابن اثنتين وخمسين سنة وقيل: ابن خمس وخمسين (سنة) هذا ما حكاه أبو علي الحسين بن أحمد
(١٧٦)