قبل ذلك وقيمة مأة ألف ألف درهم جوهرا يسيرا عندنا ما أنت له مستحق فقد تركت مثل ذلك حين بذله لك المخلوع وآثرت الله ودينه وأنك شكرت أمير المؤمنين وولي عهده وآثرت توفير ذلك كله على المسلمين وجدت لهم به وسألتنا أن نبلغك الخصلة التي لم تزل إليها تائقا (1) من الزهد والتخلي ليصح عند من شك في سعيك للآخرة دون الدنيا وتركك الدنيا، وما عن مثلك يستغني في حال ولا مثلك رد عن طلبه ولو أخرجتنا طلبتك عن شطر النعيم علينا فكيف نأمر رفعت فيه المؤنة وأوجبت به الحجة على من يزعم أن دعاك إلينا للدنيا لا للآخرة؟ وقد أجبناك إلى ما سألت به وجعلنا ذلك لك مؤكدا بعهد الله وميثاقه الذي لا تبديل له ولا تغيير وفوضنا الامر في وقت ذلك إليك، فما أقمت فغريز مزاح العلة مدفوع عنك الدخول فيما تكرهه من الأعمال كائنا ما كان نمنعك مما نمنع أنفسنا في الحالات كلها وإذا أردت التخلي فمكرم مزاح البدن وحق لبدنك بالراحة والكرامة، ثم نعطيك مما تتناوله مما بذلناه لك في هذا الكتاب فتركته اليوم وجعلنا للحسن بن سهل مثل ما جعلناه لك فنصف ما بذلناه من العطية وأهل ذلك هو لك وبما بذل من نفسي في جهاد العتاة وفتح العراق مرتين وتفريق جموع الشيطان بيده حتى قوي الدين وخاض نيران الحروب ووقانا عذاب السموم بنفسه وأهل بيته ومن ساس (2) من أولياء الحق، وأشهدنا الله وملائكته وخيار خلقه وكل من أعطانا بيعته وصفقة يمينه في هذا اليوم وبعده على ما في هذا الكتاب وجعلنا الله علينا كفيلا وأوجبنا على أنفسنا الوفاء بما اشترطنا من غير استثناء بشئ ينقضه في سر ولا علانية والمؤمنون عند شروطهم والعهد فرض مسؤول وأولى الناس بالوفاء من طلب من الناس الوفاء وكان موضعا للقدرة، قال الله تعالى: (وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها وقد جعلتم الله عليكم كفيلا إن الله يعلم ما تفعلون) (3).
وكتب الحسن بن سهل توقيع المأمون فيه: بسم الله الرحمن الرحيم قد أوجب أمير المؤمنين على نفسه جميع ما في هذا الكتاب وأشهد الله تعالى وجعله