من الصبي العاقل كالصلاة والحج، ولان الله تعالى دعا عباده إلى دار السلام وجعل طريقها الاسلام وجعل من لم يجب دعوته في الجحيم والعذاب الأليم، فلا يجوز منع الصبي من إجابة دعوة الله تعالى مع اجابته إليها وسلوكه طريقها ولا الزامه بعذاب الله والحكم عليه بالنار وسد طريق النجاة عليه مع هربه منها ولان ما ذكرناه اجماع فإن عليا رضي الله عنه أسلم صبيا وقال سبقتكم إلى الاسلام طرا صبيا ما بغلت أوان حلمي ولهذا قيل: أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن الصبيان علي، ومن النساء خديجة، ومن العبيد بلال، وقال عروة أسلم على والزبير وهما ابنا ثمان سنين وبايع النبي صلى الله عليه وسلم ابن الزبير لسبع أو ثمان سنين ولم يرد النبي صلى الله عليه وسلم على أحد اسلامه من صغير أو كبير، فأما قوله عليه السلام (رفع القلم عن ثلاثة) فلا حجة لهم فيه فإنه يقتضي أن لا يكتب عليه ذنب والاسلام يكتب له لا عليه ويسعد به في الدنيا والآخرة فهو كالصلاة تصح منه وتكتب له وإن لم تجب عليه وكذلك غيرها من العبادات المحضة، فإن قيل فالاسلام يوجب عليه الزكاة في ماله ونفقة قريبه المسلم ويحرمه ميراث قريبه الكفار ويفسخ نكاحه، قلنا اما الزكاة فإنها نفع لأنها سبب الزيادة والنماء وتحصين المال والثواب، واما الميراث والنفقة فأمر متوهم وهو مجبور بميراثه من أقاربه المسلمين وسقوط نفقة أقاربه الكفار ثم هذا الضرر مغمور في جنب ما يحصل له من سعادة الدنيا والآخرة وخلاصه من شقاء الدارين والخلود في الجحيم منزل منزلة الضرر في أكل القوت المتضمن فوت ما يأكله وكلفة تحريك فيه لما كان بقاؤه لم يعد ضررا والضرر في مسئلتنا في جنب ما يحصل من النفع أدنى من ذلك بكثير
(٨٤)