احتمل ان لا يجوز لأهل العدل حبس من معهم ليتوصلوا إلى تخليص أساراهم بحبس الأسارى الذين معهم واحتمل أن لا يجوز حبسهم ويطلقون لأن الذنب في حبس أسارى أهل العدل لغيرهم مسألة (وإذا انقضى الحرب فمن وجد ماله في يد انسان أخذه) لما ذكرنا من قول علي: من عرف شيئا أخذه ولأنه مال معصوم بالاسلام فأشبه مال غير البغاة مسألة (ولا يضمن أهل العدل ما أتلفوه عليهم حال الحرب من نفس أو مال وهل يضمن البغاة ما أتلفوه على أهل العدل في الحرب؟ على روايتين) وجملة ذلك أنه إذا لم يمكن دفع أهل البغي إلا بقتلهم جاز ولا شئ على من قتلهم من اثم ولا ضمان ولا كفارة لأنه فعل ما أمر به وقتل من أحل الله قتله وكذلك ما أتلفه أهل العدل على أهل البغي حال الحرب من المال لا ضمان فيه لأنهم إذا لم يضمنوا الأنفس فالأموال أولى (فصل) وان قتل العادل كان شهيدا لأنه قتل في قتال أمره الله تعالى به بقوله سبحانه (فقاتلوا التي تبغي) وهل يغسل ويصلى عليه؟ فيه روايتان [إحداهما] لا يغسل ولا يصلى عليه لأنه شهيد معركة أمر بالقتال فيها فأشبه شهيد معركة الكفار [والأخرى] يغسل ويصلى عليه وهو قول الأوزاعي وابن المنذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصلاة على من قال لا إله إلا الله واستثنى قتيل الكفار في المعركة ففيما عداه يبقى على الأصل ولان شهيد معركة الكفار اجره أعظم وفضله أكثر وقد جاء انه يشفع في سبعين من أهل بيته وهذا لا يلحق به في فضله فلا يثبت فيه مثل حكمه لأن الشئ إنما يقاس على مثله (فصل) وليس على أهل البغي أيضا ضمان ما أتلفوه حال الحرب من نفس ولا مال وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه وعن أحمد رواية ثانية أنهم يضمنون وهو القول الثاني للشافعي
(٦١)