هذا فإن حكمه فيما يستقبل من جزيته حكم من بلغ من صبيانهم أو افاق من مجانينهم على ما ذكرناه (فصل) ومن بعضه حر فقياس المذهب ان عليه من الجزية بقدر ما فيه من الحرية لأنه حكم يختلف بالرق والحرية فينقسم على قدر ما فيه كالإرث ولا جزية على أهل الصوامع من الرهبان ويحتمل ان تجب عليهم وهذا أحد قولي الشافعي وروي عن بن عبد العزيز أنه فرض على رهبان الديارات الجزية على كل راهب دينارا لعموم النصوص ولأنه كافر صحيح حر قادر على أداء الجزية فأشبه الشماس. ووجه الأول أنهم محقونون بدون الجزية فلم تجب عليهم كالنساء وقد ذكرنا دليل تحريم قتلهم والنصوص مخصوصة بالنساء وهؤلاء في معناهن ولأنه لا كسب له أشبه الفقير غير المعتمل (فصل) ولا تجب على فقير عاجز عنها وهذا أحد قولي الشافعي وله قول أنها تجب عليه لقوله عليه السلام (خذ من كل حالم دينارا) ولان دمه غير محقون فلا تسقط عنه الجزية كالقادر ولنا ان عمر رضي الله عنه جعل الجزية على ثلاث طبقات جعل أدناها على الفقير المعتمل فدل على أن غير المعتمل لا شئ عليه ولان الله تعالى قال (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) ولأنه مال يجب بحلول الحول فلم يلزم الفقير العاجز كالزكاة ولان الخراج ينقسم إلى خراج ارض وخراج رؤوس وقد ثبت ان خراج الأرض على قدر طاقتها وما لا طاقة له لا شئ عليه كذلك خراج الرؤوس وأما الحديث فيتناول الاخذ ممن يمكن الاخذ منه والاخذ ممن لا يقدر على شئ مستحيل فكيف يؤمر به ويؤخذ منه بقدر ما أدرك؟
(٥٩٨)