ان كانت يده اليمنى موجودة ورجله اليسرى معدومة فانا نقطع الموجود منهما حسب، ويسقط في المعدوم لأن ما تعلق به الغرض معدوم فسقط كالغسل في الوضوء، وهل تقطع يسرى يديه ينبني؟ على الروايتين في قطع يسرى السارق في المرة الثالثة، فإن قلنا تقطع ثم قطعت ههنا، وان قلنا لا تقطع وهو المختار سقط قطعها لأن قطعها يفضي إلى تفويت منفعة البطش وإن كان ما وجب قطعه أشل فذكر أهل الطب ان قطعه يفضي إلى تلفه لم يقطع وكان حكمه حكم المعدوم وان قالوا لا يفضي إلى تلفه ففي قطعه روايتان ذكرناهما في قطع السارق.
(مسألة) (ومن لم يقتل ولا اخذ المال نفي وشرد فلا يترك يأوي إلى بلد، وعنه ان نفيه تعزيره بما يردعه).
وجملته ان المحاربين إذا أخافوا السبيل ولم يقتلوا ولا اخذوا المال فإنهم ينفون من الأرض لقوله سبحانه (أو ينفوا من الأرض) يروى عن ابن عباس ان النفي يكون في هذا الحالة وهو قول النخعي وقتادة وعطاء الخراساني والنفي هو تشريدهم عن الأمصار والبدان فلا يتركون يأوون بلدا، يروى نحو هذا عن الحسن والزهري وعن ابن عباس انه ينفى من بلده إلى غيره كنفي الزاني، وبه قال طائفة من أهل العلم. قال أبو الزناد كان منفى الناس إلى باضع من ارض الحبشة وذلك أقصى تهامة اليمن وقال مالك يحبس في البلد الذي نفي إليه كقوله في الزاني وقال أبو حنيفة يحبس حتى يحدث توبة ونحو هذا قال الشافعي فإنه قال في هذه الحال يعزرهم الإمام وان رأى أن يحبسهم حبسهم وقيل عنه النفي طلب الإمام لهم ليقيم فيهم حدود الله وروي ذلك عن ابن عباس وقال ابن شريح يحبسهم في غير بلدهم وهذا مثل قول مالك، لأن تشريدهم إخراج لهم إلى مكان يقطعون فيه الطريق