(فصل) ومن مات من الأبوين الكافرين على كفره قسم للولد الميراث وكان مسلما بموت من مات منهما وأكثر الفقهاء على أنه لا يحكم باسلامه بموتهما ولا بموت أحدهما لأنه ثبت كفره تبعا ولم يوجد منه اسلام ولا ممن هو تابع له فوجب بقاؤه على ما كان عليه لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من خلفائه أنه أجبر أحدا من أهل الذمة على الاسلام بموت أبيه مع أنه لم يخل زمنه عن موت بعض أهل الذمة عن بنيهم ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه) متفق عليه فجعل كفره بفعل أبويه فإذا مات أحدهما انقطعت التبعية فوجب ابقاؤه على الفطرة التي ولد عليها ولان المسألة مفروضة فيمن مات أبوه في دار الاسلام وقضية الدار الحكم باسلام أهلها وكذلك حكمنا باسلام لقيطها وإنما ثبت الكفر للطفل الذي له أبوان فإذا عدما أو أحدهما وجب ابقاؤه على حكم الدار لانقطاع تبعيته لمن يكفر بها وإنما قسم له الميراث لأن اسلامه إنما ثبت بموت أبيه الذي استحق به الميراث فهو سبب لهما فلم يتقدم الاسلام المانع من الميراث على استحقاقه ولان الحرية المعلقة بالموت لا توجب الميراث فيما إذا قال سيد العبد له إذا مات أبوك فأنت حر فمات أبوه فإنه يعتق ولا يرث فيجب أن يكون الاسلام المعلق بالموت لا يمنع الميراث وهذا فيما إذا كان في دار الاسلام لأنه متى قطعت تبعيته لأبويه أو أحدهما ثبت له حكم الدار فأما دار الحرب فلا يحكم باسلام ولد الكافر فيها بموتهما ولا موت أحدهما لأن الدار لا يحكم باسلام أهلها ولذلك لم يحكم باسلام لقيطها
(١٠٥)