(فصل) فإن قتل رجل رجلا وادعى انه قد هجم منزله فلم يمكنه دفعه الا بالقتل لم يقبل قوله الا ببينة وعليه القود سواء كان المقتول يعرف بسرقه أو عيارة أو لا يعرف بذلك فإن شهدت البينة انهم رأوا هذا مقبلا إلى هذا بسلاح مشهور فضربه هذا فقد هدر دمه وان شهدوا انهم رأوه داخلا داره ولم يذكروا سلاحا أو ذكروا سلاحا غير مشهور لم يسقط القود بذلك لأنه قد يدخل لحاجة ومجرد الدخول المشهود به لا يوجب اهدار دمه (مسألة) (وان عض انسان انسانا فانتزع يده من فيه فسقطت ثناياه ذهبت هدرا) وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي وروى سعيد عن هشيم عن محمد بن عبد الله ان رجلا عض رجلا فانتزع يده من فيه فسقطت بعض أسنان العاض فاختصما إلى شريح فقال شريح انزع يدك من في السبع وأبطل أسنانه وحكي عن مالك وابن أبي ليلى عليه الضمان لقول النبي صلى الله عليه وسلم في السن خمس من الإبل ولنا ما روى يعلى بن أمية قال كان لي أجير فقاتل رجلا فعض أحدهما يد الآخر قال فانتزع المعضوض يده من في العاض فانتزع أحد ثنيتيه فاتى النبي صلى الله عليه وسلم فاهدر ثنيته فحسبت أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم أفيدع يده في فمك تقضمها قضم الفحل) متفق عليه ولأنه عضو تلف ضرورة دفع شر صاحبه فلم يضمن كما لو صال عليه فلم يمكنه دفعه الا بقطع عضوه وحديثهم يدل على دية السن إذا قلعت ظلما وهذه لم تقلع ظلما وسواء كان المعضوض ظالما أو مظلوما لأن العض محرم، الا أن يكون العض مباحا له مثل ان يمسكه في موضع يتضرر بامساكه أو يعصر يده بما لا يقدر على التخلص من ضرره الا بعضه فيعضه فما سقط من أسنانه ضمنه لأنه عاد وكذلك لو عض أحدهما يد الآخر ولم يمكن المعضوض تخليص يده الا بعضه فله عضه ويضمن الظالم منهما ما تلف من المظلوم وما تلف من الظالم كان هدرا وكذلك الحكم فيما إذا عضه في غير يده أو عمل به عملا غير العض افضى إلى تلف شئ من الفاعل لم يضمنه وقد روى محمد بن عبيد الله أن غلاما أخذ قمعا من اقماع الزياتين فادخله بين رجلي رجل ونفخ فيه فذعر الرجل من ذلك وخبط برجله فوقع على الغلام فكسر بعض أسنانه فاختصموا إلى شريح فقال شريح لا أعقل الكلب الهرار قال القاضي يخلص المعضوض يده بأسهل ما يمكنه، فإن أمكنه فك لحييه بيده
(٣٢٠)