في صدورهم فهم أهل كتاب وقد اخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر - واراه قال - وعمر منهم الجزية رواه الشافعي وسعيد وغيرهما ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال سنوا بهم سنة أهل الكتاب ولنا قول الله تعالى (ان تقولوا إنما انزل الكتاب على طائفتين من قبلنا) والمجوس من غير الطائفتين، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (سنوا بهم سنة أهل الكتاب) فدل على أنهم غيرهم وروى البخاري باسناده عن بجالة أنه قال: ولم يكن عمر رضي الله عنه اخذ الجزية من المجوس حتى قال له عبد الرحمن بن عوف ان النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر ولو كانوا أهل كتاب لما وقف عمر في اخذ الجزية منهم مع أمر الله تعالى بأخذ الجزية من أهل الكتاب. وما ذكروه هو الذي صار لهم به شبهة كتاب. وما رووه عن علي فقد قال أبو عبيد لا أحسبه محفوظا ولو كان له أصل لما حرم النبي صلى الله عليه وسلم نساءهم وهو كان أولى بعلم ذلك، ويحوز أن يصح هذا الذي ذكر عن علي مع تحريم نسائهم لأن الكتاب المبيح لذلك هو الكتاب المنزل على إحدى الطائفتين وليس هؤلاء منهم ولان كتابهم رفع فلم ينتهض للإباحة وثبت به حقن دمائهم، فاما قول أبي ثور في حل ذبائحهم ونسائهم فيخالف الاجماع فلا يلتفت إليه، وقول النبي صلى الله عليه وسلم (سنو بهم سنة أهل الكتاب) اي في أخذ الجزية منهم إذا ثبت ذلك فإن أخذ الجزية من أهل الكتابين والمجوس إذا لم يكونوا من العرب ثابت بالاجماع لا نعلم فيه خلافا فإن الصحابة رضي الله عنه أجمعوا على ذلك وعمل به الخلفاء الراشدون ومن بعدهم مع دلاله الكتاب العزيز على اخذ الجزية من أهل الكتابين ودلالة السنة المذكورة على أخذها من المجوس فإن كانوا من العرب فحكمهم حكم العجم فيما ذكرنا وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي وأبو ثور وابن المنذر وقال أبو يوسف لا تؤخذ الجزية من العرب لأنهم شرفوا بكونهم من رهط النبي صلى الله عليه وسلم
(٥٨٦)