ولنا عموم الآية وان النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلي دومة الجندل فاخذ أكيدر دومة فصالحه على الجزية وهو من العرب رواه أبو داود واخذ الجزية من نصارى نجران وهم عرب وبعث معاذا إلى اليمن فقال إنك تأتي قوما من أهل كتاب وأمره أن يأخذ من كل حالم دينارا ولو كانوا عربا ولان ذلك إجماع فإن عمر أراد اخذ الجزية من نصارى بني تغلب وأبوا ذلك وسألوه ان يأخذ منهم مثلما يأخذ من المسلمين فأبى ذلك عليهم حتى لحقوا بالروم ثم صالحهم على ما يأخذ منهم عوضا عن الجزية فالمأخوذ منهم جزية غير أنه على غير صفة جزية غيرهم ولم ينكر ذلك أحد فكان إجماعا. وقد ثبت بطريق القطع ان كثيرا من نصارى العرب ويهودهم كانوا في عصر الصحابة في بلاد الاسلام ولا يجوز إقرارهم فيها بغير جزية فثبت يقينا انهم أخذوا الجزية منهم (فصل) ولا يجوز عقد الذمة المؤبدة إلا بشرطين (أحدهما) التزام إعطاء الجزية في كل حول (والثاني) التزام أحكام الاسلام وهو قبول ما يحكم به عليهم من أداء حق أو ترك محرم لقول الله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة (فادعهم إلى أداء الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم) ولا تعتبر حقيقة الاعطاء ولا جريان الأحكام لأن الاعطاء إنما يكون في آخر الحول والكف عنهم في ابتدائه عند البذل. والمراد بقوله تعالى (حتى يعطوا الجزية عن يد) أي يلتزموا وهذا كقوله (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم) فإن المراد به التزام ذلك فإن الزكاة إنما يجب أداؤها عند الحول
(٥٨٧)