ولنا ان القصد كفهم وردهم إلى الطاعة لأقتلهم وهؤلاء يقصدون قتلهم فإن دعت الحاجة إلى الاستعانة بهم فإن كان يقدر على كفهم عن فعل مالا يجوز استعان بهم وان لم يقدر لم يجز (مسألة) (وهل يجوز ان يستعين عليهم بسلاحهم وكراعهم؟ على وجهين) (أحدهما) لا يجوز لأنه لا يحل أخذ مالهم لكونه معصوما بالاسلام وإنما أبيح قتالهم لردهم إلى الطاعة يبقى المال على العصمة كمال قاطع الطريق الا ان تدعو ضرورة فيجوز كما يجوز أكل مال الغير في المخمصة (والوجه الثاني) يجوز قياسا على أسلحة الكفار (مسألة) (وذكر القاضي ان احمد اومأ إلى جواز الانتفاع به حال الحرب) وهذا أحد الوجهين الذين ذكرناهما ولا يجوز في غير قتالهم وهو قول أبي حنيفة لأن هذه الحال لا يجوز فيها اتلاف نفوسهم وحبس سلاحهم وكراعهم فجاز الانتفاع به كسلاح أهل الحرب، وقال الشافعي لا يجوز ذلك الامن ضرورة إليه لأنه مال مسلم فلم يجز الانتفاع به بغير اذنه كغيره من أموالهم ومتى انقضت الحرب وجب رده إليهم كما ترد سائر أموالهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفس منه) والله أعلم [مسألة] (ولا يتبع لهم مدبر ولا يجاز على جريح) وجملة ذلك أن أهل البغي إذا تركوا القتال إما بالرجوع إلى الطاعة وإما بالقاء السلاح أو بالهزيمة إلى فئة أو إلى غير فئة وإما بالعجز لجراح أو مرض أو أسر فإنه يحرم قتالهم واتباع مدبرهم وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة إذا هزموا ولا فئة لهم كقولنا وان كانت لهم فئة يلجأون إليها جاز قتل مدبرهم وأسرهم والإجازة على جريحهم، فأما إذا لم تكن لهم فئة لا يقتلون ولكن يضربون ضربا وجيعا
(٥٨)