(والرواية الأولى) أولى لما ذكرنا من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولان عمر رضي الله عنه قال لولا آخر الناس لقسمت الأرض كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر فقد وقف الأرض مع علمه بفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فدل على أن فعله ذلك لم يكن متعينا كيف والنبي صلى الله عليه وسلم قد وقف نصف خيبر ولو كانت للغانمين لم يكن له وقفها، قال أبو عبيد تواترت الاخبار في افتتاح الأرض عنوة بهذين الحكمين، حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم في خيبر حين قسمها، وبه أشار بلال وأصحابه على عمر في ارض الشام والزبير في ارض مصر وحكم عمر في ارض السواد وغيره حين وقفه، وبه أشار علي ومعاذ على عمر وليس فعل النبي صلى الله عليه وسلم رادا لفعل عمر لأن كل واحد منهما اتبع آية محكمة قال الله تعالى (واعلموا إنما غنمتم منه شئ فأن لله خمسه - وقال - ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى) الآية فكان كل واحد من الامرين جائزا والنظر في ذلك إلى الإمام فما رأى منه ذلك فعليه وهذا قول الثوري وأبي عبيد. إذا ثبت هذا فإن التخيير المفوض إلى الإمام تخيير مصلحة لا تخيير تشهي فيلزمه فعل ما يرى فيه المصلحة لا يجوز له العدول عنه كالخيرة في الاسرى بين القتل والاسترقاق والمن والفداء ولا يحتاج إلى النطق بالوقف بل تركه لها من غير قسمة وقف لها كما أن قسمتها بين الغانمين لا يحتاج معه إلى لفظ ولان عمر وغيره لم ينقل عنهم في وقف الأرض لفظ بالوقف ولان معنى وقفها
(٥٤١)