ولنا أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يجاهدون وفيهم من أبواه كافران ولم يستأذنهما منهم أبو بكر الصديق وأبو حذيفة بن عتبة كان مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر وأبوه رئيس المشركين يومئذ وأبو عبيدة قتل أباه في الجهاد فأنزل الله تعالى (لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر) الآية وهذا يخص عموم الاخبار فإن كانا رقيقين فعموم كلامه ههنا يقتضي وجوب استئذانهما وهو ظاهر كلام الخرقي لظاهر الاخبار ولأنهما مسلمان أشبها الحرين ويحتمل أن لا يعتبر اذنهما لأنه لا ولاية لهما فإن كانا مجنونين فلا اذن لهما لعدم اعتبار قولهما.
(فصل) فإن تعين عليه الجهاد سقط اذنهما وكذلك كل فرائض الأعيان لا طاعة لهما في تركها لأن تركها معصية ولا طاعة لاحد في معصية الله وكذلك كل ما وجب كالحج وصلاة الجماعة والجمع والسفر للعلم الواجب لأنها فرض عين فلم يعتبر إذن الأبوين فيها كالصلاة ولان الله تعالى قال (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) ولم يشترط اذن الوالدين.
(فصل) فإن خرج في جهاد تطوع باذنهما فمنعاه منه بعد سيره وقبل تعينه عليه فعليه الرجوع لأنه معنى لو وجد في الابتداء منع فمنع إذا وجد في أثنائه كسائر الموانع إلا أن يخاف على نفسه في الرجوع أو يحدث له عذر من مرض أو نحوه فإن أمكنه الإقامة في الطريق وإلا مضى مع الجيش وإذا حضر الصف تعين عليه لحضوره وسقط اذنهما وإن كان رجوعهما عن الاذن بعد تعين الجهاد عليه لم يؤثر