أن يخاف كلبهم فلا يمكن ذلك في حقهم، فأما إن أمكن تعريفهم عرفهم ذلك وأزال يذكرونه من المظالم وأزال حججهم فإن لجوا قاتلهم حينئذ لأن الله تعالى بدأ بالامر بالاصلاح قبل القتال فقال سبحانه (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) وروي أن عليا رضي الله عنه راسل أهل البصرة قبل وقعة الجمل ثم آمر أصحابه أن لا يبدء وهم بالقتال ثم قال: ان هذا يوم من فلج فيه فلج يوم القيامة ثم سمعهم يقولون الله أكبر يا ثارات عثمان فقال اللهم أكب قتلة عثمان لوجوههم. وروى عبد الله بن شداد بن الهادي أن عليا لما اعتزله الحرورية بعث إليهم عبد الله بن عباس فواضعوه كتاب الله ثلاثة أيام فرجع منهم أربعه آلاف (فصل) فإن أبوا الرجوع وعظهم وخوفهم القتال وإنما كان ذلك لأن المقصود كفهم ودفع شرهم لا قتلهم فإذا أمكن بمجرد القول كان أولى من القتال لما فيه من الضرر بالفريقين فإن فاؤا والا قاتلهم لقوله سبحانه (فقاتلوا التي تبغي حتى تفئ إلى أمر الله) (مسألة) (وعلى رعيته معونته على حربهم) للآية (مسألة) (فإن استنظروه مدة رجا رجوعهم فيها أنظرهم ويكشف عن حالهم ويبحث عن أمرهم فإن بان له أن قصدهم الرجوع إلى الطاعة ومعرفة الحق أمهلهم، قال ابن المنذر أجمع على هذا كل من نحفظ عنه من أهل العلم (مسألة) (فإن ظن أنها مكيدة لم ينظرهم وقاتلهم) إذا ظهر له أن استنظارهم مكيدة ليجتمعوا على قتاله وان لهم مددا ينتظرونه ليتقووا به أو خديعة
(٥٤)