وأما الثاني ففيه وجهان (أحدهما) يكون قاذفا له اختاره القاضي لأنه أضاف الزنا إليهما وجعل أحدهما فيه أبلغ من الآخر فإن لفظة أفعل التفضيل تقتضي اشتراك المذكورين في أصل الفعل وتفضيل أحدهما على الآخر فيه كقوله أجود من حاتم (والثاني) يكون قاذفا للمخاطب خاصة لأن لفظه أفعل تستعمل للمنفرد بالفعل كقوله تعالى (أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع أمن لا يهدي إلا أن يهدى؟) وقال تعالى (فأي الفريقين أحق بالأمن؟) وقال لوط (بناتي هن أطهر لكم) اي من أدبار الرجال ولا طهارة فيهم وقال الشافعي وأصحاب الرأي ليس بقذف للأول ولا للثاني إلا أن يريد به القذف وهو قول ابن حامد ولنا أن موضوع اللفظ يقتضي ما ذكرنا فحمل عليه كما لو قال أنت زان (مسألة) (وإن قال لرجل يا زانية أو لامرأة يا زان أو قال زنت يداك ورجلاك فهو صريح في القذف في قول أبي بكر وليس بصريح عند ابن حامد) أما إذا قال لرجل يا زانية أو لامرأة يا زان فاختار أبو بكر انه صريح في قذفهما وهو مذهب الشافعي واختار ابن حامد انه ليس بقذف الا ان يفسره به وهو قول أبي حنيفة لأنه يحتمل انه يريد بقوله يا زانية أي يا علامة في الزنا كما يقال للعالم علامة وللكثير الرواية راوية ولكثير الحفظ حفظة ولنا ان ما كان قذفا لاحد الجنسين كان قذفا للآخر كقوله زنيت بفتح التاء وبكسرها لهما جميعا ولان هذا اللفظ خطاب لهما وإشارة إليهما بلفظ الزنا وذلك يغني عن التمييز بتاء التأنيث وحذفها وكذلك لو قال للمرأة يا شخصا زانيا وللرجل يا نسمة زانية كان قاذفا، وقولهم انه يريد بذلك انه علامة في الزنا لا يصح فإن ما كان اسما للفعل إذا دخلته الهاء كانت للمبالغة كقولهم حفظة وراوية للمبالغة في الرواية كذلك همزة ولمزة وصرعة ولان كثيرا من الناس يذكر المؤنث ويؤنث المذكر ولا يخرج بذلك عن كون المخاطب به مرادا بما يراد باللفظ الصحيح، وان قال زنت يداك أو رجلاك لم يكن قاذفا في ظاهر المذهب وهو قول ابن حامد لأن زنا هذه الأعضاء لا يوجب الحد بدليل
(٢٢٤)