المأكولات فإن الحرم يعصمها. إذا ثبت هذا فإنه لا يبايع ولا يشارى ولا يطعم ولا يؤوى ويقال له اتق الله واخرج إلى الحل يستوفى منك الحق الذي قبلك فإذا خرج استوفي حق الله منه وهذا قول جميع من ذكرناه، وإنما كان كذلك لأنه لو أطعم أو أووي لتمكن من الإقامة دائما فيضيع الحق الذي عليه وإذا منع من ذلك كان وسيلة إلى خروجه فيقام فيه حق الله تعالى وليس علينا إطعامه كما أن الصيد لا يصاد في الحرم وليس علينا القيام به، قال ابن عباس رحمه الله من أصاب حدا فلجأ إلى الحرم فإنه لا يجالس ولا يبايع ولا يؤوى ويأتيه الذي يطلبه فيقول أي فلان اتق الله فإذا خرج من الحرم أقيم عليه الحد، رواه الأثرم، فإن قتل من له عليه قصاص في الحرم أو أقام حد الجلد أو قتل أو قطع طرفا أساء ولا شئ عليه لأنه استوفى حقه في حال لم يكن له استيفاؤه فيه فأشبه ما لو اقتص في حر شديد أو برد مفرط.
(مسألة) (فإن فعل ذلك في الحرم استوفي منه فيه) وجملة ذلك أن من انتهك حرمة الحرم بجناية فيه توجب حدا أو قصاصا فإنه يقام عليه حدها لا نعلم فيه خلافا، وقد روى الأثرم باسناده عن ابن عباس أنه قال من أحدث حدثا في الحرم أقيم عليه ما أحدث فيه من شئ وقد أمر الله تعالى بقتال من قاتل في الحرم فقال تعالى (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم) فأباح قتلهم عند قتالهم في الحرم، ولان