ساعة من نهار ثم عادت إلى حرمتها فلا يسفك فيه دم) متفق عليهما، والحجة فيه من وجهين (أحدهما) أنه حرم سفك الدم بها على الاطلاق وتخصيص مكة بهذا يدل على أنه أراد العموم فإنه لو أراد سفك الدم الحرام لم تختص به مكة فلا يكون التخصيص مفيدا (والثاني) قوله (إنما حلت لي ساعة من نهار) ثم عادت حرمتها ومعلوم أنه إنما أحل له سفك دم حلال في غير الحرم فحرمها الحرم ثم أحلت له ساعة ثم عادت الحرمة ثم أكد هذا بمنه قياس غيره عليه والاقتداء به بقوله (فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم) وهذا يدفع ما احتجوا به من قتل ابن خطل فإنه من رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي منع الناس أن يقتدوا به فيها وبين أنها له على الخصوص وما رووه من الحديث فهو من كلام عمرو بن سعيد الأشدق يرد به قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين روى له أبو شريح هذا الحديث وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يتبع، وأما جلد الزاني وقطع السارق والامر بالقصاص فإنما هو مطلق في الأمكنة والأزمنة فإنه يتناول مكانا غير معين ضرورة أنه لابد من مكان فيمكن إقامته في مكان غير الحرم ثم لو كان عاما فإنما رويناه خاصا يختص به مع أنه قد خص مما ذكروه الحامل والمريض المرجو برؤه فتأخر الحد عنه وتأخر قتل الحامل فجاز أن يخص أيضا بما ذكرناه، والقياس على الكلب العقور لا يصح فإن ذلك طبعه الأذى فلم يحرمه الحرم ليدفع اذاه عن أهله، وأما الآدمي فالأصل فيه الحرمة وحرمته عظيمة وإنما أبيح لعارض فأشبه الصائل من الحيوانات المباحة من
(١٤٨)