لقول أبي بكر رضي الله عنه لأهل الردة: تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم ولأنها نفوس وأموال معصومة أتلفت بغير حق ولا ضرورة دفع مباح فوجب ضمانه كالذي تلف في غير حال الحرب ولنا ما روى الزهري أنه قال كانت الفتنة العظمى بين الناس وفيهم البدريون فأجمعوا على أن لا يقام حد على رجل ارتكب فرجا حراما بتأويل القرآن ولا يلزم مالا أتلفه بتأويل القرآن. ولأنها طائفة ممتنعة بالحرب بتأويل سائغ فلم تضمن ما أتلفت على الأخرى كأهل العدل ولان تضمينهم يفضي إلى تنفيرهم عن الرجوع إلى الطاعة فلا يشرع كتضمين أهل الحرب. فأما قول أبي بكر رضي الله عنه فقد رجع عنه ولم يمضه فإن عمر قال له اما ان يدوا قتلانا فلا فإن قتلانا قتلوا في سبيل الله على ما أمر الله فوافقه أبو بكر ورجع إلى قوله فصار إجماعا حجة ولم ينقل انه غرم أحدا شيئا من ذلك وقد قتل طليحة عكاشة بن محصن وثابت بن أرقم ثم أسلم فلم يغرم شيئا ثم لو وجب التغريم في حق المرتدين لم يلزم مثله ههنا فإن أولئك كفار لا تأويل لهم وهؤلاء طائفة من المسلمين لهم تأويل سائغ فكيف يصح إلحاقهم به؟
مسألة (ومن أتلف في غير حال الحرب شيئا ضمنه سواء كان قبل الحرب أو بعده) وبهذا قال الشافعي ولذلك لما قتل الخوارج عبد الله بن خباب ارسل إليهم علي أقيدونا من عبد الله بن حباب ولما قتل ابن ملجم عليا في غير المعركة قتل به وهل يتحتم قتل الباغي إذا قتل أحدا من أهل العدل في غير المعركة؟ فيه وجهان [أحدهما] يتحتم لأنه قتل باشهار السلاح والسعي في الأرض بالفساد فأشبه قطاع الطريق [والثاني] لا يتحتم وهو الصحيح لقول علي رضي الله عنه ان شئت اعفو وان شئت استقدت.
فاما الخوارج فالصحيح على ما ذكرنا إباحة قتلهم فلا قصاص على واحد منهم ولا ضمان عليه في ماله