الحبر بين أظهرهم ويجوز أن يكون تركه الانكار عليهم اجتزاء بالنهي المتقدم ولان القصد من قتالهم كفهم وهذا كاف لنفسه فلم يجز قتله كالمنهزم (فصل) وإذا قاتل معهم عبيد ونساء وصبيان فهم كالرجل الحر البالغ يقاتلون مقبلين ويتركون مدبرين لأن قتالهم للدفع، ولو أراد أحد هؤلاء قتل انسان جاز دفعه وقتاله وان أتى على نفسه ولذلك قلنا في أهل الحرب إذا كان معهم النساء والصبيان قوتلوا وقتلوا (مسألة) (ولا يقاتلهم بما يعم اتلافه كالمنجنيق والنار إلا لضرورة) لأنه لا يجوز قتل من لا يقاتل وما يعم اتلافه يقع على من لا يقاتل فإن دعت إلى ذلك ضرورة مثل أن يحتاط بهم البغاة ولا يمكنهم المتخلص إلا برميهم بما يعم اتلافه جاز وهذا قول الشافعي وقال أبو حنيفة إذا تحصن الخوارج واحتاج الإمام إلى رميهم بالمجنيق فعل ذلك ما كان لهم عسكر وما لم ينهزموا وان رماهم البغاة بالمنجنيق والنار جاز رميهم بمثله (فصل) قال أبو بكر إذا اقتتلت طائفتان من أهل البغي فقدر الإمام على قهرهما لم يعن واحدة منهما لأنهما جميعا على الخطأ وإن عجز عن ذلك وخاف اجتماعهما على حربه ضم إليه أقربهما إلى الحق فإن استويا اجتهد برأيه في ضم إحداهما ولا يقصد بذلك معونة إحداها بل الاستعانة على الآخر فإذا هزمها لم يقاتل من معه حتى يدعوهم إلى الطاعة لأنهم قد حصلوا في أمانه وهذا مذهب الشافعي (مسألة) (ولا يستعين في حربهم بكافر ولا بمن يرى قتلهم مدبرين) وبهذا قال الشافعي وقال أصحاب الرأي لا بأس ان يستعين عليهم بأهل الذمة والمستأمنين وصنف آخر منهم إذا كان أهل العدل هم الظاهرين على من يستعينون به
(٥٧)