قال نصر بن مزاحم في كتاب صفين، قال:
حدثنا محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي عمرو، وعن عبد الرحمن بن حاطب، قال (1):
كان عمرو بن العاص عدوا للحارث بن نضر الخثعمي (2)، وكان من أصحاب علي عليه السلام، وكان علي عليه السلام قد تهيبته فرسان الشام، وملأ قلوبهم بشجاعته، وامتنع كل منهم من الاقدام عليه. وكان عمرو قلما جلس مجلسا إلا ذكر فيه الحارث بن نضر الخثعمي وعابه، فقال الحارث:
ليس عمرو بتارك ذكره الحارث * بالسوء أو يلاقي عليا (3) واضع السيف فوق منكبه الأيمن * لا يحسب الفوارس شيا ليت عمرا يلقاه في حومة النقع * وقد أمست السيوف عصيا (4) حيث يدعو للحرب حامية القوم * إذا كان بالبراز مليا (5) فالقه إن أردت مكرمة الدهر * أو الموت كل ذاك عليا.
فشاعت هذه الأبيات حتى بلغت عمرا، فأقسم بالله ليلقين عليا ولو مات ألف موتة.
فلما اختلطت الصفوف لقيه فحمل عليه برمحه، فتقدم علي عليه السلام وهو مخترط سيفا