يوما يطيف بعسكره، ويتفقد سواده، فوقف على جبل، فقال: إن من التدبير لهذه المارقة أن تكون قد أكمنت في سفح هذا الجبل كمينا، فبعث المهلب عشرة فوارس، فاطلعوا على المائة، فلما علموا بهم قطعوا القنطرة ونجوا وانكشفت الشمس فصاحوا: يا أعداء الله، لو قامت القيامة لجددنا ونحن في جهادكم (1).
ثم يئس الزبير من ناحية المهلب، فضرب إلى ناحية أصبهان، ثم كر راجعا إلى أرجان، وقد جمع جموعا، وكان المهلب يقول: كأني بالزبير وقد جمع لكم، فلا ترهبوهم، فتنخب (2) قلوبكم، ولا تغفلوا الاحتراس فيطمعوا فيكم. فجاءوه من أرجان، فلقوه مستعدا آخذا بأفواه الطرق، فحاربهم فظهر عليهم ظهورا بينا، ففي ذلك يقول رجل من بنى يربوع:
سقى الله المهلب كل غيث * من الوسمي ينتحر انتحارا (3) فما وهن المهلب يوم جاءت * عوابس خيلهم تبغى الغوارا (4) وقال المهلب يومئذ: ما وقفت في مضيق من الحرب إلا رأيت أمامي رجالا من بنى الهجيم بن عمرو بن تميم يجالدون، وكأن لحاهم أذناب العقاعق (5) و [كانوا] (6) صبروا معه في غير مواطن.
وقال رجل من أصحاب المهلب من بنى تميم: