ويقع العتق لوجود ركن الاعتاق وشرطه وقوله لوجه الشيطان لبيان الغرض ونقسمه أيضا أقساما أخذ نذكرها في مواضعها إن شاء الله تعالى (فصل) وأما ركن الاعتاق فهو الذي جعل دلالة على العتق في الجملة أو ما يقوم مقام اللفظ فيحتاج فيه إلى بيان الألفاظ التي يثبت بها العتق في الجملة اما مع النية أو بدون النية والى بيان مالا يثبت به العتق من الألفاظ رأسا أما الأول فالألفاظ التي يثبت بها العتق في الجملة فتنقسم ثلاثة أقسام صريح وملحق بالصريح وكناية وأما الصريح فهو اللفظ المشتق من العتق أو الحرية أو الولاء نحو قوله أعتقتك أو حررتك أو أنت عتيق أو معتق أو أنت مولاي لان لا صريح في اللغة اسم لما هو ظاهر المعنى مكشوف المراد عند السامع وهذه الألفاظ بهذه الصفة أما لفظ العتق والحرية فلا شك فيه لأنه لا يستعمل الا في العتق فكان ظاهر المراد عند السامع فكان صريحا فلا يفتقر إلى النية كصريح الطلاق إذ النية لتعيين المحتمل وأما لفظ الولاء فالمولى وإن كان من الألفاظ المشتركة في الأصل لوقوعه على مسميات مختلفة الحدود والحقائق بمنزلة اسم العين والقرء وغيرهما فإنه يقع على الناصر قال الله تعالى ذلك بان الله مولى الذين آمنوا وان الكافرين لا مولى لهم ويقع على ابن العم قال الله تبارك وتعالى خبرا عن نبيه زكريا عليه الصلاة والسلام وانى خفت المولى من ورائي ويقع على المعتق والمعتق لكن ههنا لا يحمل معنى الناصر لان المولى لا يستنصر بعبده ولا ابن العم إذا كان العبد معروف النست ولا المعتق إذا العبد لا يعتق مولاه فتعين المعتق مرادا به واللفظ المشترك يتعين بعض الوجوه الذي يحتمل مراده بدليل معين فكان صريحا في العتق فلا يحتاج إلى النية كقوله أنت حر أو عتيق وكذا إذا ذكره هذه الألفاظ بصيغة النداء بان قال يا حر يا عتيق يا معتق لأنه ناداه بما هو صريح في الدلالة على العتق لكون اللفظ موضوعا للعتق والحرية ولا يعتبر المعنى بالموضوعات فيثبت العتق من غير نية كقوله أنت حر أو عتيق أو معتق وذكر محمد انه لو كان اسم العبد حرا وعرف بذلك الاسم فقال له يا حر لا يعتق لأنه ذا كان مسمى بذلك الا سم معروفا به لندائه يحمل على الاسم لا على الصفة فلا يعتق وكذا إذا قال له مولاي يعتق عليه عند أصحابنا الثلاثة وقال زفر لا يعتق من غير نية وجه قوله يا مولاي يحتمل التعظيم ويحتمل العتق فلا يحتمل على التحقيق الا بالنية كقوله يا سيدي ويا مالكي ولنا ان النداء للعبد باسم المولى لا يراد به التعظيم للعبد وأكرمه عادة وإنما يراد به الاعتاق فيحمل عليه كان قال أنت مولاي ولو قال ذلك يعتق عليه كذا هذا بخلاف قوله يا سيدي ويا مالكي لان هذا قد يذكر على وجه التعظيم والاكرام فلا يثبت به العتق من غير قرينة وعلل محمد لهذا فقال لأنا إنما أعتقناه في قوله يا مولاي لأجل الولاء لأجل الملك ومعناه ما ذكرنا والله عز وجل أعلم ولو قال في شئ من هذه الألفاظ من قوله أعتقتك أو نحوه عنيت به الخبر كذبا لا يصدق في القضاء لعدوله عن الظاهر لأنه يستعمل في إنشاء العتق في عرف اللغة والشرع كما يستعمل في الاخبار فان العرب قبل ورود الشرع كانوا يعتقون عبيدهم بهذه الصيغة وفي الحمل على الخبر حمل على الكذب وظاهر حال العاقل بخلافه فلا يصدق في القضاء كما لو قال لامرأته طلقتك نوى به الاخبار كذبا لا يصدق في القضاء ويصدق به فيما بينه وبين الله عز وجل لأنه نوى ما يحتمله كلامه لأنه يحتمل الاخبار وإن كان ارادته الخبر خلاف الظاهر ولو قال عنيت به انه كان خبرا فإن كان مؤكدا لا يصدق أصلا كذب محض وإن كان انشاء لا يصدق قضاء لأن الظاهر إرادة الانشاء من هذه الألفاظ فلا يصدق في العدول عن الظاهر ويصدق ديانة اللفظ يحتمل عن الماضي ولو قال أنت حر من عمل كذا أو أنت حر اليوم من هذا العمل عتق في القضاء لان العتق بالنسبة إلى الاعمال والأزمان لا يتجزأ لاستحالة ان يعتق اليوم ويسترق غدا أو يعتق في عمل ويرق في عمل فكان الاعتاق في عمل دون عمل وفي زمان دون زمان اعتاقا من الاعمال كلها وفي الأزمان بأسرها فإذا نوى بعض الاعمال والأزمان فقد نوى خلاف الظاهر فلا يصدقه القاضي وكذا إذا قال أنت مولاي وقال عنيت به الموالاة في الدين لا يصدق في القضايا لأنه خلاف الظاهر إذ هو يستعمل لولاء العتق ظاهرا
(٤٦)