البلوغ عندنا وقال الشافعي يخير الغلام إذا عقل التخيير واحتج بما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت زوجي بريد أن ينتزع ابنه منى وانه قد نفعني وسقاني من بئر أبى عتبة فقال استهما عليه فقال الرجل من يشاقني في ابن فقال النبي صلى الله عليه وسلم للغلام اختر أيهما شئت فاختار أمه فأعطاها إياه ولان في هذا نظر للصغير لأنه يحتاج الاشفق ولنا مار وينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال للام أنت حق به ما لم تنكحي ولم يخير ولان تخيير الصبي ليس بحكمة لأنه لغلبة هواه يميل إلى اللذة الحاضرة من الفراغ والكسل والهرب من الكتاب وتعلم آداب النفس ومعا لم الدين فيختار شر الأبوين وهو الذي يهمله ولا يؤدبه وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه فالمراد منه التخيير في حق البالغ لأنها قالت نفعني وسقاني من بئر أبى عتبة ومعنى قولها نفعني أي كسب على والبالغ وهو الذي يقدر على الكسب وقد قيل إن بئر أبى عتبة بالمدينة لا يمكن الصغير الاستقاء منه فدل على أن المراد منه التخيير في حق البالغ ونحن به نقول إن الصبي إذا بلغ نخير والدليل عليه ما روى عن عمارة بن ربيعة المخزومي أنه قال غزا أبى نحو البحرين فقتل فجاء عمى ليذهب بي فخاصمته أمي إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ومعي أخ لي صغير فخيرني علي رضي الله عنه ثلاثا فاخترت أمي فأبى عمى ان يرضى فوكزه علي رضي الله عنه بيده وضربه بدرته وقال لو بلغ هذا الصبي أيضا خير فهذا يدل على أن التخيير لا يكون الا بعد البلوغ (فصل) وأما بيان مكان الحضانة مكان الزوجين إذا كانت الزوجة بينهما قائمة حتى لو أراد الزوج أن يخرج من البلد وأراد أن يأخذ ولده الصغير ممن له الحضانة من النساء ليس له ذلك حتى يستغنى عنها لما ذكرنا انها أحق بالحضانة منه فلا يملك انتزاعه من يدها لما فيه من ابطال حقها فضلا عن الاخراج من البلد وان أرادت المرأة أن تخرج من المصر الذي هي فيه إلى غيره فللزوج أن يمنعها من الخروج سواء كان معها ولدا ولم يكن لان عليها المقام في بيت زوجها وكذلك إذا كانت معتدة لا يجوز لها الخروج مع الولد وبدونه ولا يجوز للزوج اخراجها لقوله عز وجل تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن الا أن يأتين بفاحشة مبينة وأما إذا كانت منقضية العدة فأرادت أن تخرج بولدها من البلد الذي هي فيه إلى بلد فهذا على أقسام ان أرادت أن تخرج إلى بلدها وقد وقع النكاح فيه فلها ذلك مثل ان تزوج كوفية بالكوفة ثم نقلها إلى الشام فولدت أولادا ثم وقعت الفرقة بينهما وانقضت العدة فأرادت ان تنقل أولادها إلى الكوفة فلها ذلك لان المانع هو ضرر التفريق بينه وبين ولده وقد رضى به لوجود دليل الرضا وهو التزوج بها في بلدها لان من تزوج امرأة في بلدها فالظاهر أنه يقيم فيه والولد من ثمرات النكاح فكان راضيا بحضانة الولد في ذلك البلد فكان راضيا بالتفريق الا ان النكاح ما دام قائما يلزمها اتباع الزوج فإذا زال فقد زال المانع وان وقع النكاح في غير بلدها بان لم يكن لها ان تنتقل بولدها إلى بلدها بان تزوج امرأة كوفية بالشام فوقعت الفرقة فأرادت أن تنقل ولدها إلى الكوفة لم يكن لها ذلك لأنه إذا لم يقع النكاح في بلدها لم توجد دلالة الرضا بالمقام في في بلدها فلم يكن راضيا بحضانة الولد فيه فلم يكن راضيا بضرر التفريق ولو أرادت أن تنقل الولد إلى بلد ليس ذلك ببلدها ولكن وقع النكاح فيه كما إذ تزوج كوفية بالشام فنقلها إلى البصرة فوقعت الفرقة بينهما فأرادت أن تنقل بأولادها إلى الشام ليس لها ذلك كذا ذكر في الأصل لان ذلك البلد الذي وقع فيه النكاح ليس ببلدها ولا بلد الزوج بل هو دار غربة لها كالبلد الذي فيه الزوج فلم يكن النكاح فيه دليل الرضا بالمقام فيه فلم يكن راضيا بحضانة الولد الذي هو من ثمرات النكاح فيه فلم يكن راضيا بضرر التفريق فاعتبر في الأصل شرطين أحدهما أن يكون البلد الذي تريد ان تنقل إليه الولد بلدها والثاني وقوع النكاح فيه فما لم يوجد لا يثبت لها ولاية لا نقل وروى عن أبي يوسف ان لها ذلك واعتبر مكان العقد فقط ولايه أشار محمد في الجامع الصغير فقال وإنما أنظر في هذا إلى عقدة النكاح أين وقعت وهكذا اعتبر الطحاوي والخصاف اتباعا لقول محمد في الجامع وهذا غير سديد لان محمدا وان أجمل المسألة في الجامع فقد فصلها في الأصل على الوجه الذي وصفنا والمجمل يحمل على المفسر وقد يكون المفسر بيانا للمجمل كالنص
(٤٤)