نوى تخصيص العموم وانه خلاف الظاهر فلا يصدق في الفضاء ويصدق فيما بينه وبين الله عز وجل لان الله مطلع على نيته ولو قال كل مملوك أملكه غدا فهو حر ولا نية له ذكر محمد في الجامع أنه يعتق من ملكه في غد ومن كان في ملكه قبله وهو قوله في الاملاء أيضا وهو احدى روايتي أبى سماعة عنه وقال أبو يوسف لا يعتق الا من استفاد ملكه في غد ولا يعتق من جاء غد وهو في ملكه وهو احدى روايتي ابن سماعة عن محمد وجه قول محمد انه أوجب العتق لكل من يضاف إليه الملك في غد فيتناول الذي ملكه في غد والذي ملكه قبل الغد كأنه قال في الغد كل مملوك أملكه اليوم فهو حر فيتناول الكل وجه قول أبى يوسف ان قوله أملك إن كان للحال عند الاطلاق ولكنه لما أضاف العتق إلى زمان في المستقبل انصرف إلى الاستقبال بهذه القرينة كما ينصرف إليه بقرينة السين فلا يتناول الحال وعلى هذا الخلاف إذا قال كل مملوك أملكه رأس شهر كذا فهو حر ورأس شهر الليلة التي يهل فيها الهلال ومن الغد إلى الليل وكان القياس أن يكون رأس الشهر أول ساعة منه لان رأس كل شهر ما رأس عليه وهو أوله الا انهم جعلوه اسما لما ذكرنا للعرف والعادة فإنه يقال في العرف والعادة لأول يوم من الشهر هذا رأس الشهر وروى ابن سماعة عن أبي يوسف فيمن قال كل مملوك أملكه يوم الجمعة فهو حر قال ليس هذا على ما في ملكه إنما هو على ما يملكه يوم الجمعة فهذا على أصل أبى يوسف صحيح لأنه أضاف العتق إلى زمان مستقبل فان قال كل مملوك لي حر يوم الجمعة فهذا على من في ملكه يعتقون يوم الجمعة ليس هو على ما يستقبل لأنه عقد يمينه على من في ملكه في الحال وجعل عتقهم موقتا بالجمعة فلا يدخل فيه الاستقبال فاما إذا قال كل مملوك أملكه إذا جاء غد فهو حر فهذا على ما في ملكه في قولهم لأنه جعل مجئ الغد شرطا لثبوت العتق لا غير فيعتق من في ملكه لكن عند مجئ غد والله عز وجل أعلم ومن القبيل الاعتاق المضاف إلى المجهول عند بعض مشايخنا لأنه تعليق معنى لا صورة ولا يثبت العتق في أحدهما قبل الاختيار وإنما ثبت عند الاختيار في أحدهما عينا وهو الذي يختار العتق فيه مقصورا على الحال كأنه علق عتق أحدهما بشرط اختيار العتق فيه كالتعليق بسائر الشروط ومن دخول الدار وغير ذلك الا انه ثمة الشرط يدخل على السبب والحكم جميعا وههنا جميعا يدخل على الحكم لا على السبب كالتدبير والبيع بشرط الخيار كذا قال بعض مشايخنا في كيفية الاعتاق المضاف إلى المجهول وبعضهم نسب هذا القول لأبي يوسف ويقال إنه قول أبي حنيفة أيضا وقال بعضهم هو تنجيز العتق في غير العتق للحال واختيار العتق في أحدهما بيان وتعيين لمن وقع عليه العتق بالكلام السابق من حين وجوده وبعضهم نسب هذا القول إلى محمد والحاصل ان الخلاف في كيفية هذا التصرف على الوجه الذي وصفنا غير منصوص عليه من أصحابنا لكنه مدلول عليه ومشار إليه أما الدلالة فإنه ظهر الاختلاف بين أبى يوسف ومحمد في الطلاق فيمن قال لامرأتيه إحداكما طالق ان العدة تعتبر من وقت الاختيار في قول أبى يوسف والعدة إنما تجب من وقت وقوع الطلاق فيدل على أن الطلاق لم يكن واقعا وإنما يقع عند الاختيار مقصورا عليه وفى قول محمد تعتبر من وقت الكلام السابق وهذا يدل على أن الطلاق قد وقع من حين وجوده وإنما الاختيار بيان وتعيين لمن وقع عليها الطلاق وأما الإشارة فإنه روى عن أبي يوسف أنه قال إذا أعتق أحد عبده تعلق العتق بذمته ويقال له أعتق وهذا إشارة إلى أن العتق غير نازل في المحل إذ لو كان نازلا لما كان معلقا بالذمة ومعنى قوله يقال له أعتق أي اختر العتق لاجماعنا على أنه لا يكلف بانشاء الاعتاق وذكر محمد في الزيادات يقال له بين وهذا إشارة إلى الوقوع في غير المعين لان البيان للموجود لا للمعدوم والى هذا ذهب الكرخي والقدوري وحققا الاختلاف بين أبى يوسف ومحمد الا ان القدوري حكى عن الكرخي انه كان يفرق بين العتاق والطلاق فيجعل الاختيار بيانا في الطلاق بالاجماع من قبل ان العتاق يحتمل الثبوت في الذمة والطلاق لا يحتمل قال وكان غيره من أصحابنا يسوى بينهما لان الطلاق أيضا يحتمل الثبوت في الذمة في الجملة ألا ترى ان الفرقة واجبة على العنين وإنما يقوم القاضي مقامه في التفريق وهو الصحيح انهما يستويان لان تعلق العتق بالذمة ليس معناه الا انعقاد سبب الوقوع من غير وقوع وهو معنى حق الحرية دون
(٦٨)