يتوصل إليه بهذا النوع من التجويع كان ذلك فرضا (قال ويفترض على الناس اطعام المحتاج في الوقت الذي يعجز فيه عن الخروج والطلب) وهذه المسألة تشتمل على فصول أحدها أن المحتاج إذا عجز عن الخروج يفترض على من يعلم حاله انه يطعمه مقدار ما يتقوى به على الخروج وأداء العبادات إذا كان قادرا على ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم من بات شبعان وجاره إلى جنبه طاو حتى إذا مات ولم يطعمه أحد ممن يعلم بحاله اشتركوا جميعا في المأثم لقوله صلى الله عليه وسلم أيما رجل مات جوعا بين قوم أغنياء فقد برئت منهم ذمة الله وذمة رسوله فإذا لم يكن عند من يعلم بحاله ما يعطيه ولكنه قادر على الخروج إلى الناس فيخبر بحاله ليواسوه ويفترض عليه ذلك لان عليه أن يدفع ما يزيل ضعفه بحسب الامكان والطاعة بحسب الطاقة فان امتنعوا من ذلك حتى مات اشتركوا في المأثم وإذا قام به البعض سقط عن الباقين وهو نظير الأسير فان من وقع أسيرا في يد أهل الحرب من المؤمنين وقصدوا قتله يفترض على كل مسلم يعلم بحاله ان يفديه بماله ان قدر على ذلك والا أخبر به غيره ممن يقدر عليه وإذا قام به البعض سقط عن الباقين بحصول المقصود ولا فرق بينهما في المعنى فان الجوع الذي هاج من طبعه عدو يخاف الهلاك منه بمنزلة العدو من المشركين فاما إذا كان المحتاج يتمكن من الخروج ولكن لا يقدر على الكسب فعليه أن يخرج ليعلم بحاله ومن علم بحاله إذا كان عليه شئ من الواجبات فليؤده إليه لأنه قد وجد لما استحق عليه مصرفا ومستحقا فينبغي له ان يسقط الفرض عن نفسه بالصرف إليه حتما لأنه أدنى إليه من غيره وهو يندب إلى الاحسان إليه إن كان قد أدى ما عليه من الفرائض لقوله تعالى وأحسنوا ان الله يحب المحسنين وقال الله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا ولما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال قال افشاء السلام واطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام فإن كان المحتاج بحيث يقدر على الكسب فعليه أن يكتسب ولا يحل له أن يسأل لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من سأل الناس وهو غنى عما يسأل كانت مسئلته يوم القيامة خدوشا أو خموشا أو كدوحا في وجهه وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرق الصدقات فاتاه رجلان يسألانه من ذلك فرفع بصره إليهما فرأهما جلدين قال أمانه لاحق لكما فيه وإن شئتما أعطيتكما معناه لاحق لهما في السؤال وقال صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغنى ولا لذي مرة سوي يعنى لا يحل السؤال للقوى القادر على التكسب وقال
(٢٧١)