قوله تعالى فمنهم شقى وسعيد وأكثرهم على أن الصحيح الرواية الثانية عن ابن عباس رضي الله عنه ما فإنه أقرب إلى موافقة الحديث المشهور السعيد من سعد في بطن أمه والشقي من شقى في بطن أمه وتأويل قوله تعالى يمحو الله ما يشاء ويثبت محوه لا يعبأ به من ديوان العبد مما ليس فيه جزاء خير ولا شر واثبات ما فيه الخير على ما بينا من حديث عائشة رضي الله عنه ا الدواوين عند الله ثلاثة ولأجله أورد محمد رضي الله عنه هذا الحديث على أثر ذلك الحديث وقيل المراد محو المعرفة من قلب البعض واثباتها في قلب البعض فيكون هذا نظير قوله تعالى يضل من يشاء ويهدى من يشاء أو المراد المحو والاثبات في المقسوم لكل عبد من الرزق والسلامة والبلاء والمرض وما أشبه ذلك ثم روى حديث الصديق رضي الله عنه حيث سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أكلة أكلتها معك في بيت أبى الهيثم بن التيهان وقد روينا الحديث بتمامه زاد في آخر الحديث فاما المؤمن فشكره إذا وضع الطعام بين يديه أن يقول بسم الله وإذا فرغ يقول الحمد الله وهذه الزيادة لم يذكرها أهل الحديث في كتبهم ومحمد رضي الله عنه موثوق به فيما يروي ويحتمل أن يكون هذا من كلام محمد رضي الله عنه ذكره بعد رواية الحديث وقد روى في معنى هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا وضع الطعام بين يدي المؤمن فقال بسم الله وإذا فرغ قال الحمد لله تحاتت ذنوبه ولو كانت مثل زبد البحر كما يتحات ورق الشجر وقال صلى الله عليه وسلم الحمد لله على كل نعمة وقال صلى الله عليه وسلم لو جعلت الدنيا كلها لقمة فابتلعها مؤمن فقال الحمد لله كان ما أتى به خيرا مما أوتى وهو كذلك فان الله تعالى وصف الدنيا بالقلة والحقارة قال الله تعالى قل متاع الدنيا قليل وذكر الله تعالى أعلى وأطيب وفى قوله الحمد لله ذكر الله تعالى بطريق التعظيم والشكر فيكون خيرا من جميع الدنيا (ثم قال ويكره للرجال لبس الحرير في غير حالة الحرب) وهذه المسألة ليست من مسائل هذا الباب وهي مذكورة في مواضع من الكتب إلا أنها تليق بما تقدم ذكره من المسائل في هذا الكتاب فإنه صنف هذا الكتاب في الزهد على ما حكى انه لما فرغ من تصنيف الكتب قيل له ألا صنفت في الزهد والورع شيئا فقال صنفت كتاب البيوع ثم أخذ في تصنيف هذا الكتاب فاعترض له داء فخف دماغه ولم يتم مراده ويحكى أنه قيل له فهرس لنا ما كنت تريد أن تصنف ففهرس لهم ألف باب كان يريد أن يصنفها في الزهد والورع ولهذا قال بعض المتأخرين رحمهم الله موت محمد رضي الله عنه
(٢٨٢)