والأوقات والجمع لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم إن كان له جبة أهداها إليه المقوقس فكان يلبسها في الأعياد والجمع وللوفود ينزلون إليه وروى أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم قباء مكفوف بالحرير وكان يلبس ذلك في الأعياد والجمع ولان فيلبس ذلك في بعض الأوقات إظهار النعمة قال صلى الله عليه وسلم إذا أنعم الله على عبد أحب أن يرى أثرها عليه وفى التكلف لذلك في جميع الأوقات معنى الصلف وربما يغيظ ذلك المحتاجين والتحرز عن ذلك أولى وكذا في زمان الشتاء لا ينبغي أن يظاهر بين جبتين أو ثلاثة إذا كان يكفيه لدفع البرد جبة واحدة فان ذلك يغيظ المحتاجين وهو منهى عن اكتساب سبب يؤذى غيره ومقصوده يحصل بما دون ذلك والأولى له أن يختار الخشن من الثياب للبس على ما روى عن عمر رضي الله عنه انه كأن لا يلبس الا الخشن من الثياب فان لبس الخشن في مان الشتاء واللين في زمان الصيف فلا بأس بذلك لان الخشن يدفع من البرد مالا يدفعه اللين فهو محتاج إلى ذلك في زمان الشتاء واللين منشف من العرق مالا ينشفه الخشن فهو محتاج إلى ذلك في زمان الصيف وان لبس اللين في الشتاء والصيف فذلك واسع له أيضا إذا كان اكتسبه من حله لقوله تعالى قل من حرم زينة الله الآية وكما يندب إلى ما بينا في طعام نفسه وكسوته فكذلك في طعام عياله وكسوتهم لأنه مأمور بالانفاق عليهم بالمعروف والمعروف ما يكون دون السرف وفوق التقتير حتى قالوا لا ينبغي أن يكلف تحصيل جميع شهوات عياله ولا أن يمنعها جميع شهواتها ولكن انفاقه بين ذلك فان خير الأمور أوساطها وكذلك لا ينبغي أن يستديم الشبع من الطعام فان الأول ما اختاره رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينه في قوله أجوع يوما وأشبع يوما وكانت عائشة رضي الله عنها تبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قبض وتقول يا من لم يلبس الحرير ولم يشبع من خبز الشعير وكانت عائشة رضي الله عنها تقول ربما يأتي علينا الشهر أو أكثر لا نوقد في بيوتنا نارا وإنما هو الأسودان الماء والتمر وقد روينا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أطول الناس جوعا يوم القيامة أكثرهم شبعا في الدنيا فلهذا كان التحرز عن استدامة الشبع في جميع الأوقات أولى (قال وليس على الرجل أن يدع الأكل حتى يصير بحيث لا ينتفع بنفسه) يعنى حتى ينتهى به الجوع إلى حال تضره وتفسد معدته بان تحترق فلا ينتفع بالأكل بعد ذلك لان التهاون عند الحاجة حق قبله قال صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه نفسك مطيتك فارفق بها ولا تجعها وقال صلى الله عليه وسلم
(٢٦٩)