الصدقة معنى التطهير والتنزيه وفى الاخذ تلويث وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصدقة أوساخ الناس وسماها غسالة فقال يا معشر بني هاشم ان الله تعالى كره لكم غسالة الناس يعنى الصدقة ويدل عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر الاعطاء بنفسه وكان أخذ الصدقة لنفسه حراما عليه كما قال صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لمحمد ولآل محمد وتكلم الناس في حق سائر الأنبياء عليهم فمنهم من يقول ما كان يحل أخذ الصدقة لسائر الأنبياء عليهم السلام ولكنها كانت تحل لقراباتهم ثم إن الله أكرم نبينا صلى الله عليه وسلم بان حرم الصدقة على قرابته إظهارا لفضله لتكون درجتهم في هذا الحكم كدرجة الأنبياء عليهم السلام وقيل بل كانت الصدقة تحل لسائر الأنبياء وهذه خصوصية لنبينا صلى الله عليه وسلم فكيفما كان يجوز أن يقال في تحريم الصدقة عليه أعلى الدرجات معنى الكرامة والخصوصية له فلو كان الاخذ أفضل من الاعطاء بحال لما كان في تحريم الاخذ عليه وعلى أهل بيته معنى الخصوصية والكرامة والدليل عليه أن الشرع ندب كل أحد إلى التصدق وندب كل أحد إلى التحرز عن السؤال قال صلى الله عليه وسلم لثوبان رضي الله عنه لا تسأل الناس شيئا أعطوك أو منعوك وقال صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه إياك أن تسأل أحدا شيئا أعطاك أو منعك فكان بعد ما سمع هذه المقالة لا يسأل أحد شيئا ولا يأخذ من أحد شيئا حتى كان عمر بن خطاب رضي الله عنه يعرض عليه نصيبه مما يعطى فكأن لا يأخذ ويقول لست آخذ من أحد شيئا بعد ما قال لي رسول الله عليه السلام ما قال وكان عمر رضي الله عنه يشهد عليه ويقول يا أيها الناس قد أشهدتكم عليه أنى عرضت عليه حقه وهو يأبى وبهذا تبين أن الاعطاء أفضل من الاخذ وقال الله تعالى يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف الآية يعنى من التعفف عن السؤال والاخذ وقال صلى الله عليه وسلم من استعف أعفه الله ومن استغنى أغناه الله ومن فتح على نفسه بابا من الفقر فتح الله عليه سبعين بابا من الفقر فإذا كان التعفف في الامتناع من الاخذ كان في الاقدام على الاخذ ترك التعفف من حيث الصورة فلهذا كان المعطى أفضل من الآخذ وفى كل خير (قال وكل ما كان الأكل فيه فرضا عليه فإنه يكون مثابا على الأكل لأنه تمثل به الامر فيتوصل به إلى أداء الفرائض من الصوم والصلاة) فيقول للذي له السعي لأداء الجمعة والطهارة لأداء الصلاة والأصل فيه قوله صلى الله عليه وسلم يؤجر المؤمن في كل شئ حتى في مباضعته أهله فقيل إنه يقضى شهوته
(٢٧٥)