المبسوط - السرخسي - ج ٣٠ - الصفحة ٢٦٠
في عادة الناس ذم الكسب الذي ينعدم فيه التصدق كعمل الحياكة مع أنه من التعاون على إقامة الصلاة عرفنا ان ما يكون التصدق فيه أكثر من الكسب فهو أفضل فأما تأويل ما تعلقوا به فقد روى مكحول ومجاهد رحمهما الله قالا المراد الضرب في الأرض لطلب العلم وبه نقول إن ذلك أفضل فقد أشار محمد رحمه الله إلى ذلك في قوله طلب الكسب فريضة كما أن طلب العلم فريضة فتشبيه هذا بذاك دليل على أن طلب العلم أعلي درجة من غيره وبيان فرضية طلب العلم في قوله عليه السلام طلب العلم فريضة على كل مسلم والمراد علم الحلال على ما قيل أفضل العلم علم الحلال وأفضل العمل حفظ الحال وبيان هذا أن ما يحتاج المرء في الحال لأداء ما لزمه يفترض عليه عينا علمه كالطهارة لأداء الصلاة فان أراد التجارة يفترض عليه تعلم ما يتحرز به عن الربا والعقود الفاسدة وإن كان له مال يفترض عليه تعلم زكاة جنس ماله ليتمكن به من الأداء وان لزمه الحج يفترض عليه تعلم ما يؤدى به الحج هذا معنى علم الحال * وهذا علم لآن الله تعالى حكم ببقاء الشريعة إلى يوم القيامة والبقاء بين الناس يكون بالتعلم والتعليم فيفترض التعليم والتعلم جميعا وقد قررنا هذا المعنى في بيان فريضة الكسب والدليل عليه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن الذين لا يعلمون ولا يتعلمون ليرتفع العلم بهم وقال إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من القلوب ولكن بقبض العلماء فإذا قبض العلماء اتخذ الناس رؤسا جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا والذي يؤيد هذا كله قوله تعالى وان أحد من المشركين استجارك الآية وفى هذا إشارة إلى أنه يفترض تعليم الكافر إذا طلب ذلك فتعليم المؤمن أولى وبيان قولنا انه من آكد الفرائض ان الانسان لو شغل جميع عمره بالتعلم والتعليم كان مفترضا في الكل ولو شغل جميع عمره بالصوم والصلاة كان مشتغلا في البعض ولا شك ان إقامة الفرض أعلى درجة من أداء النفل قال وكما أن طلب العلم فريضة فأداء العلم إلى الناس فريضة لان اشتغال صاحب العلم بالعمل معروف والعمل بخلافه منكر فالتعليم يكون أمرا بالمعروف ونهيا عن المنكر وهو فرض على هذه الأمة * قال الله تعالى كنتم خير أمة الآية ويختلفون في فصل وهو ان من يعلم حكما أو حكمين هل يفترض عليه أن يبين ذلك لمن لا يعلمه أم لا فعلى قول بعض مشايخنا رحمهم الله يلزمه ذلك وأكثرهم على أنه لا يلزمه ذلك وإنما يجب ذلك على الذين اشتهروا بالعلم ممن يعتمد الناس قولهم وقد أشار في هذا الكتاب إلى القولين واللفظ المذكور هنا
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب ميراث ذوى الأرحام 2
2 باب ميراث أولاد الإخوة من ذوى الأرحام 13
3 فضل في بيان من له قرابتان من البنات والأخوات 15
4 فصل في بيان ذي القرابتين من بنات الاخوة وأولاد الأخوات 17
5 باب ميراث العمات والأخوال والخالات 18
6 فصل في ميراث أولاد العمات والأخوال والخالات 20
7 فصل في ميراث أعمام الام وعماتها وأخوال الام وخالاتها 23
8 باب الفاسد من الأجداد والجدات 24
9 باب الحرقى والغرقى 27
10 باب مواريث أهل الكفر 30
11 فصل في ميراث المجوس 33
12 فصل في ميراث المرتد 37
13 باب الولاء 38
14 فصل في ولاء الموالاة 43
15 باب ميراث القاتل 46
16 باب ميراث الحمل 50
17 فصل في ميراث المفقود 54
18 باب المناسخة 55
19 باب طلاق المريض 60
20 باب ما يسأل عنه من المتشابه في غير ولاء مجوسي 61
21 باب السؤال في بنات الابن والاخوة 66
22 باب من متشابه النسب 67
23 فصل فيما يسأل عنه من المحال الذي لا يكون 68
24 باب اقرار الرجل بالنسب 69
25 باب اقرار الورثة بوارث بعد وارث 71
26 باب الاقرار بعد قسم الميراث 88
27 كتاب فرائض الخنثى 91
28 كتاب الخنثى 103
29 كتاب حساب الوصايا 114
30 كتاب اختلاف أبي حنيفة وابن أبي ليلى 128
31 كتاب الشروط 168
32 كتاب الحيل 209
33 باب الإجارة 215
34 باب الوكالة 220
35 باب الصلح 222
36 باب الايمان 231
37 باب في البيع والشراء 237
38 باب الاستحلاف 241
39 كتاب الكسب 244
40 كتاب الرضاع 287
41 كتاب تفسير التحريم بالنسب 290
42 باب تفسير لبن الفحل 293
43 باب نكاح الشبهة 303