الجهال يزعمون أن ذلك ألذ ولكن هذا إذا كان غيره لا يتناول ما ترك هو من حواشيه أما إذا كان غيره يتناول ذلك فلا بأس كأن يختار لتناوله رغيفا دون رغيف ومن الاسراف التمسح بالخبز عند الفراغ من الطعام من غير أن يأكل مما يمسح به لان غيره يتقذر ذلك فلا يأكله فأما إذا كان هو يأكل ما يمسح به فلا بأس بذلك ومن الاسراف إذا سقط من يده لقمة أن يتركها بل ينبغي له أن يبدأ بتلك اللقمة فيأكلها لان في ترك ذلك استخفافا بالطعام وفى التناول اكراما وقد أمرنا باكرام الخبز قال صلى الله عليه وسلم أكرموا الخبز فإنه من بركات السماء والأرض ومن اكرام الخبز أن لا ينتظر الادام إذا حضر الخبز ولكن يأخذ في الأكل قبل أن يؤتى بالإدام وهذا لان الانسان مندوب إلى شكر النعمة والتحرز عن كفران النعمة وفى ترك اللقمة التي سقطت معنى كفران النعمة وفى المبادرة إلى تناول الخبز قبل أن يؤتى بالإدام إظهار شكر النعمة وإذا كان جائعا ففي الامتناع إلى أن يؤتى بالإدام نوع مماطلة فينبغي أن يتحرز عن ذلك وفيه حكاية فان أبا حنيفة رحمة الله عليه لقي بهلولا المجنون يوما وهو جالس على الطريق يأكل الطعام فقال اما تستحي من نفسك أن يأكل بالطريق قال يا أبا حنيفة أنت تقول في هذا ونفسي غريمي والخبز في حجري وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم مطل الغنى ظلم فكيف أمنعها حقها إلى أن أدخل البيت والمخيلة حرام لما روى أن النبي صلى الله وعليه وسلم قال للمقداد رضي الله عنه في ثوب لبسه إياك والمخيلة ولا تلام على كفاف والتفاخر والتكاثر حرام لقوله تعالى اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو الآية وإنما ذكر هذا على وجه الالزام لذلك قال الله تعالى ولا تمنن تستكثر الآية وقال عز وجل أن كان ذا مال وبنين وقال جل وعلا ألهاكم التكاثر فعرفنا أن التفاخر والتكاثر حرام (قال وأمر اللباس نظير الأكل في جميع ما ذكرنا) يعنى انه كما نهى عن الاسراف والتكثير من الطعام فكذلك نهى عن ذلك في اللباس والأصل فيه ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الثوبين والمراد أن لا يلبس نهاية ما يكون من الحسن والجودة في الثياب على وجه يشار إليه بالأصابع أو يلبس نهاية ما يكون من الثياب الخلق على وجه يشار إليه بالأصابع فان أحدهما يرجع إلى الاسراف والآخر يرجع إلى التقتير وخير الأمور أوسطها فينبغي أن يلبس في عامة الأوقات الغسيل من الثياب ولا يكلف الجديد الحسن عملا بقوله صلى الله وعليه وسلم البذاذة من الايمان الا انه لا بأس بان يلبس أحسن ما يجد من الثياب في بعض الأعياد
(٢٦٨)