صلى الله عليه وسلم السؤال آخر كسب العبد ولكنه لو سأل فأعطى حل له أن يتناول لقوله صلى الله عليه وسلم وإن شئتما أعطيتكما فلو كأن لا يحل التناول لما قال صلى الله عليه وسلم لهما ذلك وقد قال الله تعالى إنما الصدقات للفقراء الآية والقادر على الكسب فقير وإذا كان عاجزا عن الكسب ولكنه قادر على أن يخرج فيطوف علي الأبواب ويسأل فإنه يفترض عليه ذلك وإذا لم يفعل ذلك حتى هلك كان آثما عند أهل الفقه رحمهم الله وقال بعض المتقشفة السؤال مباح له بطريق الرخصة فان تركه حتى مات لم يكن آثما بل هو متمسك بالعزيمة وهذا قريب مما نقل عن الحسن بن زياد رضي الله عنه ان من كان في السفر ومع رفيق له ماء وليس عنده ثمنه أنه لا يلزمه أن يسأل رفيقه ولو تيمم وصلى من غير أن يسأله الماء جازت صلاته عنده ولم تجز عندنا وجه قوله ان في السؤال ذلا وللمؤمن أن يصون نفسه عن الذل وبيانه فيما نقل عن علي رضي الله عنه لنقل الصخر من قلل الجبال * * أحب إلى من منن الرجال يقول الناس لي في الكسب عار * * فقلت العار في ذل السؤال ولان ما يلحقه من الذل بالسؤال تعين وما يصل إليه من المنفعة موهوم وربما يعطى ما يسأل وربما لا يعطى فكان السؤال رخصة له من غير أن يكون مستحقا عليه إذ الموهوم لا يعارض المتحقق * وحجتنا في ذلك أن السؤال يوصله إلى ما تقوم به نفسه ويتقوى به على الطاعة فيكون مستحقا عليه كالكسب سواء في حق من هو قادر على الكسب ومعنى الذل في السؤال في هذه الحالة ممنوع (ألا ترى) أن الله تعالى أخبر عن موسى ومعلمه عليهما السلام انهما سألا عن الحاجة فقال عز وجل استطعما أهلها والاستطعام طلب العام وما كان ذلك منهما بطريق الأجرة (ألا ترى) أنه قال لو شئت لاتخذت عيه أجرا فعرفنا انه كان بطريق البر على سبيل الهدية أو الصدقة على ما اختلفوا أن الصدقة كانت تحل للأنبياء سوي نبينا عليه وعليهم السلام على ما بين وكذا رسول الله وقال صلى الله عليه وسلم لقوم هل عندكم ما يلت في السن والا اكترعنا من الوادي كرعا وسأل رجلا ذراع شاة وقال ناولني الذراع في حديث فيه طول فلو كان في السؤال عند الحاجة ذلا لما فعل الأنبياء عليهم السلام ذلك فقد كانوا أبعد الناس عن اكتساب سبب الذل ولان ما يسد به رمقه حق مستحق له في سؤال الناس فليس في المطالبة بحق مستحق له من معنى الذل شئ فعليه أن يسأل فاما إذا كان قادرا على الكسب
(٢٧٢)