فصل في ولاء الموالاة (قال رضي الله عنه) اعلم أن عقد الموالاة جائز يستحق به الميراث إذا لم يكن هناك أحد من القرابات ولا مولى العتاقة عندنا وهو مذهب عمر وعلي وابن مسعود وابن عباس وابن عمر رضوان الله عليهم أجمعين وعلى قول الشافعي هو باطل لا يستحق به الميراث وهو مذهب زيد وزعم بعضهم انه قول علي رضي الله عنه أيضا فان رجلا أتاه يسأله ان يعاقده عقد الموالاة فاؤه الرجل ابن عباس ووالاه ولكن إيتاء لا يدل على أنه لا يرى جواز هذا العقد وإنما تنبنى هذه المسألة على مسئلتين إحداهما الوصية بجميع المال ممن لا وارث له صحيح عندنا خلافا له ووجه البناء أن من لا وارث له فإنما يصرف ماله إلى بيت مال المسلمين والموصى له ساواهم في الاسلام وترجح بايجاب الموصى له فكان هو أولى عندنا فكذلك الذي عاقده عقد الموالاة وعند الشافعي وارث من لا وارث له جماعة المسلمين فكما لا يملك ابطال حق الورثة بالوصية بجميع المال لا يملك ابطال حق جماعة المسلمين والثاني أن أهل الديوان يتعاقلون بينهم عندنا خلافا له فلما كان اثبات الاسم في الديوان سببا لتحمل العقل فكذلك عقد الموالاة يكون سببا لتحمل العقل وإذا كان يتحمل به العقل يورث به أيضا لان الغرم مقابل بالغنم وعلى سبيل الابتداء الشافعي احتج فقال إن الملك بطريق الوراثة ليس يثبت ابتداء وإنما يثبت على سبيل الخلافة فيبقى للوارث ما كان ثابتا للمورث ولهذا يرد الوارث بالعيب ويصير مغرورا فيما اشتراه مورثه وبالعقد يثبت الملك ابتداء بسبب مقصودا لا ان يبقى ما كان من الملك الأول فلا يمكن اثبات ملكه بطريق الخلافة هنا بعقد الموالاة لأنه عقد باشراه ابتداء ولا يمكن اثبات الملك ابتداء لان ذلك لا يكون وراثة وهذا بخلاف الوصية فان ملك الموصى له لا يكون خلفا عن ملك الموصى بل هو ملك ثبت ابتداء ولهذا لا يرد بالعيب ولا يصير مغرورا فيما اشتراه الموصى ولان أسباب الإرث معلومة شرعا وعقد الموالاة ليس من تلك الأسباب وحجتنا في ذلك قوله تعالى والذين عاقدت ايمانكم فآتوهم نصيبهم يعنى نصيبهم من الميراث والمراد عقد الموالاة بدليل ما سبق من قوله عز وجل ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون فكما أن المراد من ذلك بيان النصيب على سبيل الاستحقاق إرثا على سبيل البر والمعونة ابتداء فكذلك المراد بما جعله معطوفا عليه لان حكم المعطوف حكم المعطوف عليه وليس المراد بقوله تعالى عاقدت أيمانكم القسم بل المراد الصفقة باليمين فان العادة
(٤٣)