سواء عند جمهور الفقهاء رحمهم الله وقال بعض الزراعة مذمومة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى شيئا من آلات الحرابة في دار قوم فقال ما دخل هذا بيت قوم الا دلوا وسئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله عز وجل ان تطيعوا الذين كفروا يردوكم علي أعقابكم أهو التعرب قال لا ولكنه الزراعة والتعرب سكنى البادية وترك الهجرة وقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا تبايعتم بالعين واتبعتم أذناب البقر ذللتم حتى يطمع فيكم * وحجتنا في ذلك ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم ازدرع بالجرف وقال عليه السلام اطلبوا الرزق تحت خبايا الأرض يعنى الزراعة وقال عليه السلام الزراع يتاجر ربه وقد كان له فدك وسهم بخيبر فكان قوته في آخر العمر من ذلك وعمر رضي الله عنه كان له أرض بخيبر يدعى ثمغ وقد كان لابن مسعود والحسن بن علي وأبي هريرة رضي الله عنهم مزارع بالسواد يزرعونها ويؤدون خراجها وكأن لابن عباس رضي الله عنهما أيضا مزارع بالسواد وغيرها وتأويل الآثار المروية فيما إذا اشتغل الناس كلهم بالزراعة وأعرضوا عن الجهاد حتى يطمع فيهم عدوهم وذلك مروى في حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال وقعدتم عن الجهاد وذللتم حتى يطمع فيكم فيما إذا اشتغل بعضهم بالجهاد وبعضهم بالزراعة ففي عمل المزارع معاونة للمجاهد وفى عمل المجاهد دفع عن الزارع وقال صلى الله عليه وسلم المؤمنون كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم اختلف مشايخنا رحمهم الله في التجارة والزراعة فقال بعضهم التجارة أفضل لقوله تعالى وآخرون يضربون في الأرض الآية والمراد بالضرب في الأرض التجارة فقدمه في الذكر على الجهاد الذي هو سنام الدين وسنة المرسلين ولهذا قال عمر رضي الله عنه لان أموت بين شعبتي رحلي أضرب في الأرض أبتغي من فضل الله أحب إلى من أقتل مجاهدا في سبيل الله وقال عليه السلام التاجر الأمين مع الكرام البررة يوم القيامة وأكثر مشايخنا رحمهم الله على أن الزراعة أفضل من التجارة لأنها أعم نفعا فبعمل الزراعة تحصيل ما يقيم به المرء صلبه ويتقوى به على الطاعة وبالتجارة لا يحصل ذلك ولكن ينمو المال وقال عليه السلام خير الناس من هو أنفع للناس فالاشتغال بما يكون نفعه أعم يكون أفضل ولان الصدقة في الزراعة أطهر فلا بد أن يتناول مما يكتسبه الزارع الناس والدواب والطيور وكل ذلك صدقة له قال عليه السلام ما غرس مسلم شجرة فتناول منها انسان أو دابة أو طير الا كانت له صدقة وفى رواية وما أكلت العافية منها فهي له صدقة والعافية هي الطيور الطالبة لارزاقها الراجعة إلى أوكارها وإذا كان
(٢٥٩)