صواب والتحرز عن الخطأ بجهده وطريق التوصل إلى ذلك العلم (قال فعلى العلماء إذا ما وصل إليهم ممن قلهم مما فيه منفعة للناس) يعنى أن بيان المسموع من الآثار واجب على العلماء فان النبي صلى الله عليه وسلم قال نضر الله امرءا سمع منا مقالة فوعاها كما سمعها ثم أداها إلى من سمعها فرب حامل فقه إلى غير فقيه ورب حامل فقه إلي من هو أفقه من وقال صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع منكم ويسمع من لم يسمع منكم وقال صلى الله عليه وسلم ألا فليبلغ الشاهد الغائب ثم إنما يفترض بيان ما فيه منفعة الناس وهو الناسخ من الآثار الصحيحة المشهورة فاما المنسوخ فيجب روايته وكذا الشاذ فيما تعم به البلوى فإنه ليس في روايته منفعة للناس وربما يؤدى إلى الفتنة والتحرز عن الفتنة أولى والأصل فيه ما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه لو حدثتكم بكل ما سمعت لرميتموني بالحجارة وان معاذا رضي الله عنه كان عنده حديث في الشهادة وكأن لا يرويه إلى أن احتضر ثم قال لأصحابه سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ما حضرني من أمر الله ما رويته لكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شهد أن لا إله إلا الله مخلصا من قلبه دخل الجنة فكان يمتنع من روايته في صحته لكي لا يتكل الناس ثم لما خاف الفوت بموته رواه لأصحابه فهذا أصل لما بينا (قال ألا ترى أنه لو لم يفترض الأداء علينا لم يفترض على من قبلنا حتى ينتهى ذلك إلى الصحابة والتابعين رضي الله عنهم) يعنى ان الناس في نقل العلم سواء قال صلى الله عليه وسلم ينقل هذا الدين عن كل خلف عدوله ينفون عنه تحريف المبطلين وتأويل الجاهلين فلو جوزنا للمتأخرين ترك النقل لجوزنا مثل ذلك للمتقدمين فيؤدى هذا إلي القول بما ذهب إليه الروافض ان الله تعالى أنزل آيات في شأن علي رضي الله عنه وذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث في فضله والتنصيص على إمامته غير أن الصحابة رضي الله عنهم كتموا ذلك حسدا منهم له وعند أهل السنة رحمهم الله هذا كذب وزور لا يجوز أن يظن بأحد من الصحابة رضي الله عنهم فكيف بجماعتهم ولو كان شيئا من ذلك لاشتهر ولكن ما يذهب إليه الروافض مبنى على الكذب والبهتان فمحمد رضي الله عنه بهذا الاستشهاد أشار إلى أن الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ما تركوا نقل شئ من أمور الدين فعلى من بعدهم الاقتداء بهم في ذلك ثم الفرض نوعان فرض عين وفرض كفاية ففرض العين على كل أحد اقامته نحو أركان الدين وفرض الكفاية ما إذا قام به البعض سقط عن الباقين لحصول المقصود وان اجتمع الناس على تركه
(٢٦٢)