بأنك أوفيت الاعرابي ثمن الناقة فقال عليه السلام كيف تشهد لي ولم تكن حاضرا فقال يا رسول الله انا نصدقك فيما تأتينا به من خبر السماء أفلا نصدقك فيما تخير به من ايفاء ثمن الناقة فقال عليه السلام من شهد له خزيمة فحسبه ولا حجة لهم في قوله تعالى وفى السماء رزقكم وما توعدون فالمراد المطر الذي ينزل من السماء فيحصل به النبات فان ذلك يسمى رزقا على ما نقل عن بعض السلف يا ابن آدم ان الله تعالى يزرقك ويرزق رزقك ويرزق رزق رزقك يعنى ينزل المطر من السماء رزقا للنبات ثم النبات رزق الانعام والانعام رزق لبنى آدم ولئن حملنا الآية على ظاهرها فنقول في السماء رزقنا كما أخبر الله تعالى ولكن أمر باكتساب السبب ليأتينا ذلك الرزق عند الاكتساب * بيانه في قوله عليه السلام فيما يأثر عن ربه عز وجل عبدي حرك يدك أنزل عليك الرزق وقد أمر الله تعالى مريم بهز النخلة كما قال الله تعالى وهزي إليك الآية وهو قادر على أن يرزقها من غير هز منها كما كان يرزقها في المحراب فقال عز وجل كلما دخل عليها زكريا المحراب الآية وإنما أمرها بذلك ليكون بيان للعباد انه ينبغي لهم أن لا يدعوا اكتساب السبب وان كانوا يعتقدون ان الله تعالى هو الرزاق وهذا نظير الخلف فان الله تعالى هو الخالق قد يخلق لامن سبب ولا في سبب كما خلق آدم صلوات الله عليه وقد يخلق لامن سبب ولا في سبب كما خلق عيسى عليه السلام وقد يخلق من سبب في سبب كما قال الله تعالى يا أيها الناس انا خلقناكم من ذكر الآية ثم الاشتغال بالنكاح وطلب الولد لا ينفى يقين العبد بان الخالق هو الله تعالى فكذا أمر الرزق ليعلم أن من يزعم أن حقيقة التوكل في تركه الكسب فهو مخالف للشريعة واليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله للسائل الذي قال أرسل ناقتي وأتوكل فقال عليه السلام لا بل اعقلها وتوكل ونظير هذا الدعاء فقد أمرنا به قال الله تعالى واسألوا الله من فضله ومعلوم ان كل ما قدر لاحد فهو يأتيه لا محالة ثم أحد لا يتطرق بهذا إلى ترك السؤال والدعاء من الله تعالى والأنبياء عليهم السلام كانوا يسألون الجنة معه علمهم أن الله تعالى يدخلهم الجنة وقد وعدهم ذلك وهو لا يخلف الميعاد وكانوا يأمنون العاقبة ثم كانوا يسألون الله تعالى ذلك في دعائهم وكذا أمر الشفاء فالشافي هو الله وقد أمرنا بالمداواة قال عليه السلام تداووا عباد الله فان الله ما خلق داء الا وخلق له دواء الا السام أو قال الهرم وقد فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين داوى ما أصابه من الجراحة في وجهه ثم اكتساب السبب بالمداواة لا ينفى التيقن
(٢٤٩)