كانا من قرض والحال منهما أو الأقرب حلولا أجود وهو جائز إذ لا مانع فيه لأنه إنما يمنع إذا كانا من بيع لأنه يدخله حط الضمان وأزيدك ولا ضمان في القرض، وكذا إذا كان أحدهما من قرض والآخر من بيع وكان أقربهما حلولا هو البيع والأفضل جاز للعلة المذكورة. وقد صرح بذلك ابن بشير وصرح في التوضيح بالجواز في الأول، وقد سلم كلامه في الشامل من الاعتراضين الأولين ونصه: وإن اتفقا جنسا دون صفة جاز إن حلا وإلا فلا مطلقا اه. ويقع في بعض نسخ المختصر كعبارة الشامل والله أعلم.
تنبيهان: الأول: إذا اتحدا في الجنس واختلفا في الصفة وحلا أو اتفقا أجلا جازت المقاصة، سواء كان من بيع أو قرض أو أحدهما من القرض والآخر من بيع كما صرح به ابن بشير والله أعلم.
الثاني: جميع ما تقدم في مسألة العرضين المتفقين في الجنس إنما هو إذا اتفق عددهما، فإن اختلف وهما من القرض لم يجز على المشهور من منع الزيادة في القرض، وإن كان من بيع وقد حل الأجلان فيجوز إن كان أحدهما من قرض والآخر من بيع، فإن كان البيع أكثرهما لم تجز المقاصة لأنه زيادة في القرض والله أعلم.
باب ص: (باب الرهن) ش: الرهن في اللغة معناه الثبوت والدوام. يقال ماء راهن أي راكد، ونعمة راهنة أي دائمة. وقال بعضهم: إن معناه في اللغة الحبس لقوله تعالى: * (كل نفس بما كسبت رهينة) * أي محبوسة بما قدمته، ومن ذلك عليه الصلاة والسلام: نفس المؤمن مرهونة بدينه حتى يقضى عنه فمعنى مرهونة محبوسة في قبرها، والمعنى الثاني لازم للمعنى لأن الحبس يستلزم الثبوت بالمكان وعدم مفارقته، أما في الشرع فهو جعل عين لها قيمة مالية في نظر الشرع أي ما جاز بيعه فكل ما جاز بيعه جاز رهنه إلا ما سنعرفه. وأما دليله فقد ثبت بالكتاب والسنة والاجماع. أما الكتاب فقد قال تعالى: * (وإن