وأردت مقاصته بالدينار كان لك ذلك لأنه لما انعقد البيع وجب له عندك دينار ولا تتوقف صحته على القبض، فلما استقر له عندك دينار ولك عنده دينار كان لك أن تقاصه.
فرع: فإن نزل ذلك وامتنعت من دفع الدينار وترافعتما إلى الحاكم فعلى مذهب ابن القاسم يفسخ الصرف ويرد الدراهم، وعلى قول أشهب تم الصرف، فإن حكم حاكم بقول ابن القاسم فلا ينقضه أشهب، وإذا حكم بقول أشهب فلا ينقضه ابن القاسم.
فرع: فإن شرط عليك في ابتداء الصرف أنك لا تقاصه بذلك وتؤخره بما عليه، فإن كان الدينار مؤجلا جاز، وإن كان حالا أو إلى أجل قريب واشترط أبعد منه فالصرف فاسد وهو صرف وسلف، وإن شرط دفع الدينار إليه ولم يتعرض لتأخير ما عليه فظاهر الكتاب جوازه وذكر اللخمي فيه ثلاثة أقوال: فقيل: الصرف فاسد، وقيل: الصرف صحيح ولك حبسه قال: وهذا على أصل أشهب. وقيل: صحيح وليس لك حبسه بل تدفعه وتقوم بحقك وهذا أليق بأصل ابن القاسم. اه من الطراز بالمعنى.
فرع: قال في سماع أبي زيد فيمن له على رجل نصف دينار إلى أجل فدفع الذي عليه الحق دينارا لصاحبه وأخذ منه بنصفه دراهم قال: لا خير فيه لأنه سلف وصرف ولو دفع إليه بالنصف الباقي عروضا فكرهه ابن القاسم في أحد قوليه لأن سلف وبيع وأجازه مالك وابن القاسم على قوله الثاني استخفافا له في البيع والسلف، ولم يستخفاه في الصرف والسلف لأنه أضيق منه لأنه لو ترك مشترط السلف سلفه في البيع صح على خلاف فيه، ولو تركه في الصرف لم يصح بلا خلاف والله أعلم.
ص: (أو غاب رهن أو وديعة ولو سك) ش: يعني أنه يجوز للمرتهن أن يصرف من الراهن الذي عنده وهو غائب في بيته، وكذلك لا يجوز للمودع أن يصرف الوديعة التي في بيته من مالكها وهي غائبة عنه، وسواء كان الرهن أو الوديعة مصوغين أو مسكوكين على المشهور. وظاهر كلامه أن الخلاف إنما هو في المسكوكين لا في المصوغين وليس كذلك، بل الخلاف في الجميع كما ذكره في التوضيح عن الجواهر. ومفهوم قوله: غاب أنه لو حضر الرهن أو الوديعة جاز صرفهما وهو كذلك.