مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٦ - الصفحة ١٤٦
كذا القرض فامنع مع عقودك كلها * * سوى عقد معروف يكون على الطوع قلت: وقد نص على ذلك في كتاب الصرف من المدونة فقال: لا يجوز صرف وبيع في صفقة، ولا شركة في نكاح وبيع، ولا جعل وبيع، ولا قراض وبيع، ولا مساقاة وبيع.
وقال اللخمي في تبصرته بعد أن ذكر قول مالك بالمنع في هذه الستة: وقد اختلف في جميع ذلك. وقال أبو الحسن الصغير: ذكر ستة عقود تمنع مع البيع وكذلك السلف مع البيع. وقد نظمها بعضهم فقال:
تجنب عقودا سبعة فهي كلها * * مدى الدهر عندي لا تجوز مع البيع نكاح وقرض أو قراض وشركة * * وجعل وصرف والمساقاة في المنع انتهى. وذكرها البرزلي في أوائل البيوع وبين وجه منافاة البيع لكل واحد من هذه العقود وذكرها منظومة في أبيات خمسة. وذكر البيتين اللذين ذكرهما أبو الحسن، وذكر أن المنع هو مذهب ابن القاسم وأن أشهب يخالفه في هذه العقود. وذكر أن المغارسة لا تجوز مع البيع وأنها داخلة في الجعل. وقال في الشركة مع البيع: وهذا إذا استقلت الشركة عن البيع ولو كانت داخلة في البيع فهي جائزة. ونص عليه سحنون وهو ظاهر المدونة. ونص ابن رشد في رسم أمهات الأولاد من سماع عيسى من كتاب تضمين الصناع، وفي رسم نقدها من سماع عيسى أيضا من كتاب الشركة، أن مذهب ابن القاسم منع البيع مع الشركة وإن كانت داخلة في البيع خلافا لسحنون. فمنع ابن القاسم الشركة بالطعامين وبالدنانير من جانب والدراهم من آخر. وزاد في المسائل الملقوطة السلم والإقالة وقال: جمعها بعضهم في قوله: جص نقش قس انتهى. وقال الجزولي في قول الرسالة: ولا يجوز بيع وسلف، وكذلك ما قارن السلف من إجارة أو كراء. قال أبو عمران: حصره أن تقول كل عقد معاوضة لا يجوز أن يقارنه السلف، وإن كان غير معاوضة ما قارن السلف كالصدقة نظرت، فإن كانت الصدقة من صاحب السلف جاز وإلا منع لأنه أسلفه على أن يتصدق عليه والسلف لا يكون إلا لوجه الله تعالى انتهى. وقولي مع عقودي كلها يشمل القراض والشركة وهو كذلك فلا يجوز مقارنتهما للسلف إلا إن كان النفع في ذلك للمتسلف فيكون حينئذ كعقود المعروف كما أن الصورة التي ذكرها الجزولي في الصدقة ليست من عقود المعروف فهي خارجة من ذلك والله أعلم.
الثالث: اجتماع البيع مع الخلع جائز كما تقدم في باب الخلع، واجتماع البيع والإجارة جائز على تفصيل يأتي في باب الإجارة. والصرف نوع من أنواع البيع فيمنع مع العقود التي تمنع مع البيع بل هو أشد كما تقدم، فلا يجوز أن يجمع الصرف مع نكاح ولا في دينار واحد بأن يتزوج بنصف دينار ويدفع لها دينارا ويأخذ منها بالنصف الباقي دراهم، ولا مع المساقاة والقراض والشركة والجعل بل لا يجوز اجتماع الصرف مع الإجارة لأنها
(١٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 ... » »»
الفهرست