غشيهما ليل أو حال بينهما سيل، أو غلب عليه أحدهما بهروب صاحبه منه ولو كان قاصدا هروبه فسخ العقد وهو أحد القولين. وقال الباجي: إنه الظاهر من المذهب، والثاني أنه لا يفسخ وهو لمالك في مسألة القلادة الواقعة في رسم حلف ليرفعن أمرا من سماع ابن القاسم من كتاب الصرف، وذكرها في المدونة ورجح ابن يونس هذا القول وقال: الصواب أنه لا يفسخ لأن أصل البيع وقع على الصحة، وإنما أراد المبتاع بالتأخير فسخ البيع فوجب أن يحرمه لأن ذلك ذريعة إلى حل العقول اللازمة فلا يريد، أحد استغلى شيئا أو ندم في شرائه الاجر ذلك ليفسخه فوجب أن يحرم ذلك كمنع القاتل الميراث ومنع المتزوجين في العدة أن يتناكحا أبدا اه. وقال صاحب الطراز: وإن كان التفرق لهروب أحدهما، فهل يبطل به العقد ويبوء بإثمه أو يلزمه حكم العقد إذا ظفر به؟ يتخرج على القولين في تأخير ثمن السلم بهروب أحدهما فيبطل العقد في قول ويثبت في قول. وعلى القول بثبوته لا يكون العقد ثابتا حقيقة لأن الشئ لا يثبت مع فقد شرط ثبوته لكن يلزم إذا ظفر لأنه عقد وضع على ما عقد عليه الأول، فيكون قد عدم العقد الذي أفسده بعقد جديد يقع التقابض فيه متصلا به، وعلى القول بأن العقد لا يثبت فإن لم يقبض أحد العوضين فلا كلام، وإن قبض أحدهما، فإن كان من ذوات الأمثال كالدنانير المسكوكة فإن كان الصرف بينهما بالسعر الواقعة الآن رده مثل ما أخذ، وإن كان بخلاف ذلك، فإن كان الحظ في فسخ العقد لغير الهارب رد المثل أيضا، وإن كان الحظ في الفسخ له بالهروب خرج على قولين: أحدهما أنه يلزمه ضمان الثمن الذي لزمه يوم العقد، والثاني إنما يلزمه رد ما أخذ وقد باء بإثم ما صنع. وإن كان المبيع من ذوات القيم كالمصوغ خرج على قولين: أحدهما أنه يلزمه قيمته يوم بان به، والآخر أنه يلزمه الأكثر من قيمته أو الثمن الذي رضي به. اه باختصار. وما ذكره في المصوغ إنما هو إذا تلف، أما إن كان قائما فيرد إلى ربه والله أعلم. وظاهر كلام ابن رشد أن التأخير عليه مؤثر من غير خلاف فإنه لما تكلم على مسألة القلادة تأولها على أن الذهب الذي كان فيها يسير والله أعلم ص: (أو عقد ووكل في القبض) ش: يعني أنه لا يجوز للانسان أن يعقد الصرف ثم يوكل غيره في قبضه، وظاهره ولو قبض الوكيل بحضرة العاقد وهو خلاف ما حكاه
(١٣٥)