ابن يونس فيمن اشترى سيفا محلى بالفضة كثير الفضة نصله تبعه لفضته بعشرة دنانير، فقبضه ثم باعه مكانه من رجل إلى جنبه قبل النقد، ثم نقد الثمن مكانه فكان ينبغي أن لا يبيع السيف حتى يدفع الثمن، فإذا وقع ذلك ونقده مكانه لم ينقض البيع ورأيته جائزا. وأما إن قبض المبتاع السيف وفارق البائع قبل أن ينقده الثمن فسد البيع، ثم إن باعه فبيعه جائز ويضمن المبتاع الأول لبائعه قيمة السيف من الذهب يوم قبضه كبيع فاسد فات بالبيع.
وقال صاحب الطراز: وجملة ذلك أن المعقود عليه ثمن ومثمن. فالثمن الدنانير والدراهم وما عدا ذلك مثمنات، فإن وقع العقد على دنانير بدنانير أو بدراهم أو على دراهم بدنانير أو دراهم وقال كل واحد من المتعاقدين لا أدفع حتى أقبض، لم يتعين على أحدهما وجوب التسليم قبل الآخر. وقيل لهما: إن تراخى قبضهما عن العقد انفسخ الصرف، فإن كانا بحضرة تحاكم ففي الدنانير بالدنانير والدراهم بالدراهم يوكل من يحفظ علاقة الميزان ويأمر كل واحد أن يأخذ عين صاحبه من الكفة التي هو بها، وفي الدراهم بالدنانير يوكل عدلا يقبض منهما ويسلم لهما جميعا معا، فيقبض من هذا في وقت قبض هذا. وإن وقع العقد في شئ من المثمنات كعرض بعرض وتشاحا في الاقباض، فعلى ما ذكرنا في الذهب والورق إلا أن العقد لا يفسخ بتراخي القبض عنه ولا بافتراقهما من مجلسه. وإن وقع العقد في شئ من المثمنات بشئ من الأثمان، ومنه مسألة الكتاب فقال ابن القاسم: يلزم المبتاع تسليم الثمن أولا ثم قال: إذا ثبت ذلك ينبغي إن كان الصرف في ثمن ومثمن أن لا يقبض المشتري المثمن حتى يدفع الثمن، لأن الصرف بيع وقبضه كقبضه وإنما يتميز الصرف بأن القبض فيه حق للشرع، فإن قبض فيه المثمن قبل الثمن لم يضر العقد لأن المراد باشتراط القبض المناجزة وهي حاصلة، أما إذا تسلم السيف مبتاعه فباعه قبل أن ينقد ثمنه لم يجز الصرف. قال الباجي: وكذلك إذا قبض أحد المتصارفين، فإن كان بالفور ونقد ثمنه قبل أن يذهب مبتاع السيف به جاز لأن المراعى في الصرف القبض ثم تفرق المتصارفين وقبل غيبة أحد العوضين، وإن ذهب بالسيف مبتاعه قبل أن ينقد بائعه ثمنه لم يجز الصرف. قال الباجي:
وكذلك إذا قبض أحد المتصارفين الدنانير فأنفذها إلى بيته ثم دفع الدراهم لم يجز ثم قال:
ولو باع السيف مبتاعه وهو بيد بائعه الأول ثم نقد ثمنه وتسلمه من بائعه ثم سلمه جاز. قال في الموازية: وهو في سماع أصبغ: إن صرفت دراهم ثم بعتها في مقامك قبل أن تقبضها فذلك جائز إن قبضتها أنت فدفعتها إلى مبتاعها منك، وإن أمرت الصراف يدفعها إليه فلا خير فيه. قال في الموازية: وإن لم تبرحا بعتها بعرض أو بدنانير. انتهى مختصرا وبعضه بالمعنى.
ومسألة العتبية التي ذكرها هي في رسم البيوع الثاني من السماع المذكور من كتاب الصرف وزاد: ولو باعها من الصراف نفسه قبل أن يقبضها من الصراف بما يجوز له بيعه لم يكن به بأس.