يفترقا وإن قربت، فالمشهور الابطال والتصحيح في الموازية وقول ابن الحاجب المفارقة اختيارا تمنع المناجزة. وقيل: إلا القريبة يقتضي وجود القول بالصحة في قريب مفارقة أحدهما الآخر قبل مطلق القبض وإن لم يكن من تمام الصرف ولا أعرفه. ولا يؤخذ مما تقدم يريد ما تقدم من كلام اللخمي وابن رشد وقال قبله: وقول سند: أباح مالك القيام من المجلس للقبض مما هو في حكم المجلس لا أعرفه.
قلت: وانظر قول ابن شاس وابن الحاجب المفارقة، هل معناه مفارقة أحدهما الآخر أو مفارقة المجلس الذي عقد فيه الصرف، أو ما هو أعم من ذلك وهذا هو الظاهر. ويظهر من كلام اللخمي المتقدم أنه فهم من الموازية جواز ذلك، وكذلك صاحب الطراز بل كلامه صريح في ذلك. قال في شرح قوله من المدونة في مسألة تسلف أحدهما إن كان قريبا ولا يقومان إلى موضع يزنها فيه ويتناقدان في مجلس سوى المجلس الذي تصارفا فيه: ظاهره يقتضي تعيين مجلس الصرف ولا يجوز مفارقته قبل التقابض، ويختلف فيما قرب، ثم ذكر كلام العتبية والموازية ثم قال: فأجاز القيام عن مجلس العقد إلى غيره. قال الباجي في هذه الرواية: معناه أن يكونا لقربهما في حكم المتجالسين، فأما إن تباعد ذلك حتى يرى أنه افتراق من المتصارفين فلا يجوز ويفسد به العقد. وقال أصحاب الشافعي: لا بأس أن يصطحبا من محلهما إلى غيره ليوفيه لأنهما لم يفترقا. ثم رد عليهم ثم قال: إذا ثبت ذلك فالقياس يوجب فساد العقد ورده متى وقع وهو ظاهر الكتاب حيث شرط أن لا يتناقدا في مجلس غير مجلس الذي تصارفا فيه، والاستحسان أن يغتفر في ذلك ما قرب لأن الحاجة تمس في اعتبار الوزن وانتقاد العين مع أن القرب في حكم الفور. وسوى مالك في الاستحسان بين أن يذهبا جميعا أو يذهب أحدهما. ثم قال في شرح مسألة إذا عقده ثم مضى معه إلى الصيارفة ما نصه: إذا تصارفا في مجلس وتقابضا في مجلس آخر فالمشهور منع ذلك على الاطلاق.
وقيل: يجوز فيما قرب انتهى.
الرابع: إذا علم ذلك فقول المصنف: ومؤخر ولو قريبا معناه يحرم الصرف المؤخر قبض عوضيه أو أحدهما عن محل العقد ولو كان التأخير قريبا، ويتنزل منزلة ذلك ما إذا تراخى القبض عن العقد وهما بالمجلس تراخيا طويلا، وأما إذا كان يسيرا فإنه لا يفسد العقد، وإن كان مكروها فقد تقدم أنه كره للصبر في إدخال الدينار تابوته قبل إخراجه الدراهم. وفي الموازية عن ابن القاسم أنه كره لمن ابتاع ألف درهم بدينار فوزن ألف درهم أن يزن ألفا أخرى قبل فراغ دنانيره الأولى. ذكره ابن يونس. وذكر ابن جماعة في باب المناجزة في الصرف أنه لا يجوز لمن باع طعاما بطعام أن يتشاغلا ببيع آخر حتى يتناجزا لأنه كالصرف، فإن تشاغلا ببيع آخر ولم يطل كان مكروها، وإن طال كان العقد الأول فاسدا. قال: وكذلك في مسألة الرد في الدرهم وقبله شارحه ووجهه بأنه صرف. وقال في المدونة على اختصار