بعد الشرط أن يدعا التناقد لم يجز لوقوع البيع فاسدا انتهى. قال عياض: مفهومه إذا عرا من الشرط وأخرجا الدنانير لم يضر ذلك لأنهما لم يعقدا قولهما على فساد ولا أفضى فعلهما إليه انتهى. وذكر ابن رشد المسألة في رسم بع ولا نقصان عليك من سماع عيسى من كتاب السلم والآجال: ولو تبايعا على أن يتقاصا فلم يتقاصا وتناقد الدنانير لوجب على أصولهم أن ترد إلى كل واحد منهما دنانيره، ولا يفسخ البيع بينهما لوقوعه على صحة انتهى.
قلت: يظهر من كلامه أنه مخالف لكلام القاضي عياض، فإن ظاهر كلام القاضي أنه إذا عرا البيع من شرط عدم المقاصة جاز البيع ولو أخرجا الدنانير، ولا يلزمان بردهما إلا أن يقيد كلامه بأن معناه أن البيع صحيح وترد الدراهم فيكون موافقا لكلام ابن رشد، بل فيه فائدة أنه يجوز البيع إذا لم يشترطا عدم المقاصة.
فرع: قال ابن سهل في أحكامه في أول البيوع: قال القاضي: وسألت أبا المطرف بن أبي سلمة عن بيع الذهب المغزول, المحمول على الجلد، هل يجوز بيعه بالذهب؟ فقال، لا يجوز لأنه التفاضل بين الذهبين، ويجوز بيعه بالذهب يدا بيد وهو عندي صواب انتهى. ص:
(وبمؤخر ولو قريبا) ش: هو معطوف على قوله: لا دينار أي فبسبب حرمة ربا الفضل حرم ما تقدم، وبسبب حرمة ربا النساء حرم ما تأخر فيه أحد النقدين. وهذا نحو قول ابن الحاجب: والمفارقة تمنع المناجزة. وقيل: إلا القريبة. قال في التوضيح: المشهور الأول فقد قال مالك في المدونة في الذي يصرف دينارا من صيرفي فيدخله تابوته ثم يخرج الدراهم: لا يعجبني، وإذا " قال هذا في التأخير اليسير فما بالك بغيره؟ قوله: وقيل إلا القريبة ليس هذا القول على إطلاقه بل مقيدة بما إذا كانت المفارقة القريبة بسبب يعود بإصلاح على العقد كما لو فارقه الحانوت والحانوتين لتقليب ما أخذه أوزنته، وهذا مذهب الموازية والعتبية، وحمله المصنف كاللخمي على الخلاف، وتأوله صاحب البيان على الوفاق فقال:
وقد قيل إن ما في العتبية مخالف لما في المدونة وليس هو عندي خلافا لأنهما في مسألة المدونة بعد عقد التصارف وقبل التقابض من مجلس إلى مجلس، ولا ضرورة تدعو إلى ذلك، ومسألة المدونة إنما قاما فيها التقابض للضرورة انتهى.