مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٣١
ثم ذكر بقية الرواية، لكن عبر ابن رشد عن هذا بالكراهة وقال في شرح هذه المسألة: وجه كراهية مالك أن تسمى العشاء عتمة إلا عند الضرورة ما روي عن النبي (ص) لا تغلبنكم الاعراب بقية الحديث والله أعلم.
فرع: وأم وصفها بالآخرة في قولهم: صلاة العشاء الآخرة فجائز وقع ذلك في كلام مالك في المدونة وغيرها وفي كلام غيره، وورد ذلك في الصحيحين ففي البخاري في باب ذكر العشاء والعتمة عن أنس قال: أخر النبي (ص) العشاء الآخرة، وفي صحيح مسلم في باب خروج النساء قال رسول الله (ص) أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة وقال النووي: فيه دليل على جواز قول: الانسان العشاء الآخرة، وأما ما نقل عن الأصمعي أنه قال: من المحال قول: العامة العشاء الآخرة لأنه ليس لنا إلا عشاء واحدة، فلا توصف بالآخرة، فهذا القول غلط لهذا الحديث، وقد ثبت في صحيح مسلم عن جماعات من الصحابة وصفها وألفاظهم بهذا مشهورة انتهى. وكرر ذلك في باب القراءة في العشاء وفي باب وقت العشاء وقال: فيه دليل على وصفها بالآخرة وأنه لا كراهية فيه خلافا لما حكي عن الأصمعي من كراهيته والله أعلم.
واختلف في أول وقتها، فالمعروف من المذهب أن أول وقتها مغيب الشفق الأحمر كما قال المصنف: من غروب حمرة الشفق وعليه أكثر العلماء، وأخذ اللخمي وابن العربي قولا لمالك: إنه البياض من قول ابن شعبان أكثر أجوبته في الشفق أنه الحمرة، ورد المازري الاخذ باحتمال أن ابن شعبان أراد ما وقع في سماع ابن القاسم عن مالك أرجو أن تكون الحمرة والبياض أبين، فيمكن أن يكون ابن شعبان لما رأى هذا فيه تردد وما سواه لا تردد فيه إشارة إلى أن أكثر أقواله: إنه الحمرة دون تردد فلا يقطع بصحة ما فهمه اللخمي وابن العربي، وما قاله المازري ظاهر. قال ابن ناجي: ونقل ابن هارون في شرحه على التهذيب عن ابن القاسم اعتبار البياض كأبي حنيفة ولا أعرفه. قال عياض: والقول بالبياض عندي أبين للخروج من خلاف أهل اللسان والفقه، واحتج بعض الشيوخ للمشهور بوجهين: الأول: أن الغوارب ثلاثة: الشمس والشفقان، والطوالع ثلاثة: الفجران والشمس. والحكم يتعلق بالوسط مع الطوالع فكذلك يتعلق بالوسط من الغوارب. الثاني: روي عن الخليل بن أحمد أنه قال: راقبت البياض فوجدته يبقى إلى ثلث الليل. وفي مختصر ما ليس في المختصر إلى نصف الليل، فلو رتب الحكم لزم تأخير العشاء إلى نصف الليل أو آخره انتهى. وقال سند: وجه المذهب ما في حديث جبريل وغيره أنه صلى العشاء حين غاب الشفق. وهذا الاسم مختص في الاستعمال بالحمرة. قال صاحب
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست