مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ٢ - الصفحة ٢٧٧
أولع كثير من المنتمين للصلاح بقضاء الفوائت لعدم تحقق الفوات أو ظنه أو شك فيه ويسمونه صلاة العمر ويرونها كمالا. ويريد بعضهم بذلك أنه لا يصلي نافلة أصلا بل يجعل في محل كل نافلة فائتة لما هي أن يكون من نقص أو تقصير أو جهل، وذلك بعيد عن حال السلف وفيه هجران المندوبات وتعلق بما لا أجر له. وقد سمعت شيخنا أبا عبد الله محمد بن يوسف السنوسي ثم التلمساني يذكر أن النهي عن ذلك منصوص فخنقته عليه فقال: نص عليه القرافي في الذخيرة ولم أقف عليه. نعم رأيت لسيدي أبي عبد الله البلالي في اختصار الاحياء عكسه فانظر ذلك فإنه مهم، والعمل بالعلم خير كله وعكسه عكسه انتهى.
تنبيه: قال الشيخ زروق في شرح الرسالة أيضا في قوله صلاها على نحو ما فاتته:
وظاهر كلامه أنه يقنت في الصبح ويعتبر طول القراءة وقصرها كالحواضر، وكل ذلك خفيف بخلاف الإقامة انتهى. وفي الصلاة الثاني من المدونة في باب من ذكر صلاة نسيها: وإن ذكر صلوات كثيرة صلاها على قدر طافته كما وجبت عليه وذهب في حوائجه، فإذا فرغ صلى أيضا حتى يتم ما بقي عليه، ويصلي صلاة الليل في النهار ويجهر، وصلاة النهار في الليل ويسر. ابن ناجي: أراد بقوله وذهب في حوائجه أي الضرورية، وظاهرها أن القضاء على الفور ولا يجوز تأخيرها مع القدرة وهو كذلك على المشهور، وقيل على التراخي، وقيل يلزمه أن يقضي يومين في يوم ولا يكون مفرطا. قاله أبو محمد صالح وحكاه التادلي. وعوام القيروان عندنا بأجمعهم يقولون: من قضى صلاة لا يكون مفرطا. فلعلهم سمعوه من مشيختهم. وأفتى شيخنا رحمه الله تعالى بتيمم من عليه فوائت لعدم الماء، سواء قلنا إن القضاء على الفور أو على التراخي كاليائس من الماء فإنه يتيمم عند الزوال انتهى. وقد نص في التوضيح في كتاب الظهار على من ضيع الصلاة وهو قادر على القيام أو على أدائها بالماء ثم عجز عن القيام أو عن استعمال الماء أنه يصليها على حاله ولا يلزمه قضاؤها بعد ذلك ونصه:
من ضيع صلاة وهو قادر على القيام فأراد أن يقضيها حال عجزه عنه فإنه يؤديها جالسا ولا يلزمه قضاؤها إن قدر على القيام أو فرط في الصلاة مع إمكان أدائها بالماء ثم قضاها بالتيمم لعدم الماء، فإنه لا يلزمه قضاؤها ثانية عند وجود الماء انتهى. ذكر هذا في قول ابن الحاجب وشرط صحته بالعجز عن العتق وقت الأداء والله أعلم. وقوله فأراد ليس على ظاهره بل يجب عليه قضاؤها على ذلك الحال ويكون داخلا في قول المؤلف مطلقا - والله أعلم - مع تناوله الكثيرة واليسيرة والقضاء في جميع الأوقات، ومن تركها عامدا أو غير عامد والمستحاضة والحربي.
مسألة: لو آجر نفسه ثم أقر أن عليه منسيات يجب تقديم على الحضرية. قال المشذالي في كتاب الصلاة الثاني عن الوانوغي قال شيخنا: لا يقبل قوله لقولها في الغصب والرهن واللقطة. المشذالي: مسألة الرهن من رهن عبدا ثم أقر أنه لغيره، ومسألة الغصب من باع عبدا
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»
الفهرست