مواهب الجليل - الحطاب الرعيني - ج ١ - الصفحة ٩٩
يجعل مقابل المشهور في كلامه أولا رواية أبي مصعب والله أعلم. ودليلنا على جنه طهور حديث أبي سعيد قيل: يا رسول الله أتتوضأ من بئر بضاعة؟ - وهي بئر تلقى فيها الحيض ولحوم الكلام والنتن - فقال رسول الله (ص): إن الماء طهور لا ينجسه شئ رواه أبو داود والترمذي وصححه. وقوله في الحديث: أتتوضأ بمثناتين فوقيتين خطاب للنبي (ص) قاله النووي وغلط من رواه بالنون في أوله. وبضاعة بضم الموحدة وكسرها والأول شهر. وقيل: إنه اسم لصاحب البئر، وقيل: لموضعها. والحيض بكسر الحاء وفتح الياء هي الخرق التي يمسح بها الحيض والملقى لذلك السيول لان البئر كانت في محل منحدر، وقيل: الريح، وقيل: المنافقون. وأما حديث خلق الله الماء طهورا لا ينجسه إلا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه، قال النووي: إنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به. وقيل: إنه رواه ابن ماجة والبيهقي، لكن أجمع العلماء على العمل بالاستثناء المذكور فيه. قال النووي: وإذا علم ضعف الحديث فيتعين الاحتجاج على ذلك بالاجماع كما قاله البيهقي وغيره. ووجه كراهة هذا الماء على المشهور مراعاة الخلاف والله أعلم. وحد المصنف اليسير بأنه قدر آنية الوضوء وآنية الغسل، فانية الغسل قليل ولو استعملت في الوضوء ولم يكتف بأحدهما عن الآخر لأنه لو اقتصر على آنية الوضوء لتوهم أن آنية الغسل من الكثير، ولو اقتصر على آنية الغسل لتوهم أن آنية الوضوء نجسة والله أعلم. وهذا القول الذي ذكره المصنف في تحديد اليسير قال في التوضيح: هو لمالك.
قلت: وعليه اقتصر في المقدمات قال في التوضيح: وفي كلام عبد الوهاب إنه الحب والجرة - والحب بالحاء المهملة الزير وليس هو بالجيم لان الجب كثير بلا خلاف والمراد الحب الصغير بدليل عطف الجرة عليه - قال ابن رشد بعد ذكره الخلاف في الجرة والزير بخلاف ماء البئر والجب والماجل لا تفسدها النجاسة قلت: أو كثرة إلا أن تغيرها. وقال ابن عرفة: في قدره أي التيسير طريقان: الأولى للمقدمات وذكر ما ذكره المصنف، الثانية للأبياني في كون ماء الجرة والزير يحله ما فوق القطرة من النجس ولم تغيره من القليل أو الكثير الذي لا يؤثر فيه إلا ما غيره. معروف: قول ابن القاسم مع روايته وسماع موسى من ابن القاسم انتهى. ففهم من كلامه أن القطرة من النجس لا تؤثر في الجرة والزير، ولا تقتضي كراهة ذلك على القولين، وكلام ابن رشد هذا في سماع موسى من كتاب الطهارة. وذكر ابن عبد السلام عن بعض المتأخرين أنه قال: إن اليسير هو القلتان على ما جاء في الحديث، وهما خمسمائة رطل بالبغدادي وهو الرطل الآتي ذكره في الزكاة. وهذا القول ضعيف جدا كما أشار إلى ذلك الشارح في الكبير لأنه مخالف لحديث القلتين الذي احتج به الشافعية أعني قوله (ص) إذا كان
(٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 ... » »»
الفهرست